ودلفت بمبة إلى البيت، ودخلت إلى القاعة التي تعرفها وقالت: كيف أنت يا سيدة؟
وأجابت سيدة: الله يبقيك ويطيل عمرك. دقيقة واحدة أحضر الحصير. - لا، سأجلس على المصطبة. - أهذا يصح يا ستي الحاجة؟! والله أبدا! حالا ...
وراحت ترفع صوتها، وهي تحضر الحصير من خارج الغرفة لتشعر الست بمبة أنها معها لم تتركها. وما لبثت أن عادت سيدة وفرشت الحصير على المصطبة المبنية من اللبن، وقالت: قهوة، عندنا بن يمني يستاهل حنكك. - اقعدي يا سيدة. - القهوة قبل أن أقعد. - اقعدي يا سيدة، أنا أريدك في شيء مهم. - يا ستي الحاجة من حقك علينا أن تأمري؛ لا ينسى المعروف إلا ابن الحرام. لماذا لم ترسلي إلي وأنا أجيء على عيني؟ - لا، أردت أن أجيء أنا إليك. - أهلا وسهلا، شرفت بيتنا. والنبي اتركيني دقيقة واحدة أحضر القهوة. - اسمعي يا سيدة، أنت تعرفين منذ متى وأنا متزوجة من الحاج. - نعم منذ أكثر من عشرين سنة. - أظن يا سيدة أن ليس في العالم واحدة فعلت ما أفعله أنا الآن. - خيرا يا ستي الحاجة.
وجذبت الحاجة بمبة نفسا عنيفا من أعماق أحزانها، ثم أطرقت لحظات وصمتت. واحترمت سيدة حزن الحاجة وصمتها فصمتت هي حتى عادت بمبة إلى الحديث: أنت تعرفين كم يشتاق الحاج إلى أولاد.
وأطرقت سيدة وتنهدت ومصت شفتيها وقالت: نعم يا ستي الحاجة، ربنا يكون في عونك. - الحاج الآن في الأربعين من عمره وهو ...
وقاطعتها سيدة قائلة: هل جربت التفاحة، سهلة، أقول لك ...
وقاطعتها الحاجة بمبة: أكثر من عشرين سنة أجرب يا سيدة. اسمعي الكلام لآخره ولا تقاطعيني. - أمرك يا ستي الحاجة. - الحاج لم يعد يستطيع صبرا، وهو محق ، فإن سنه لا تسمح له بأن ينتظر؛ بلغ من شغفه بإنجاب الأطفال أنه كان يريدني أن أذهب إلى مصر اليوم، وأعرض نفسي على طبيب.
ودقت سيدة صدرها، وكأنما طعن شرف الحاجة بمبة، وقالت سيدة: ماذا يا ستي الحاجة؟! طبيب رجل، يكشف عليك أنت، أنت يا طاهرة يا نظيفة! قطع الخلف وأيامه. أمن أجل العيال يكشف عليك رجل، رجل يا ستي الحاجة، رجل؟!
فقالت بمبة في أسى: لم أقبل يا سيدة، لم أقبل. ولكني أعرف زوجي فهو رجل غيور. - عارفة يا ستي الحاجة. - فقبوله أن يكشف علي رجل دليل على مقدار لهفته على الخلف. - لك حق يا ستي الحاجة. - رفضت، وقلت في نفسي ...
وصمتت الحاجة وأطلقت تنهيدة أخرى من صدرها، فما خففت التنهيدة شيئا. وكانت سيدة تتحرق شوقا لتعرف ما بنفس الحاجة. ولم تكمل الحاجة حديثها، بل إنها لوت طريقه في عنف يدعو إلى الدهشة، فهي تسأل سيدة: قولي لي يا سيدة، أيجري أحد على ابنتك صالحة؟ - نعم يا ستي الحاجة، ولكن ما المناسبة؟ - هل أعطى محمدين كلمة لأحد؟ - لا. - أنا أخطبها للحاج والي. - ماذا يا ستي الحاجة؟! ماذا قلت؟! - ما سمعت. أنا أخطب ابنتك للحاج والي زوجي.
Bog aan la aqoon