Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Noocyada
كل ذلك خير وطاعة لا يمنعها حلفكم فان حلفتم عليها فلتكفروا عن حلفكم ولتفعلوا «1» تلك الخيرات من البر والتقوى والإصلاح بين الناس، قال عليه السلام: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فاليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير» «2» (والله سميع) لأقوالكم (عليم) [224] بنياتكم فيجازيكم عليها.
[سورة البقرة (2): آية 225]
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم (225)
(لا يؤاخذكم الله باللغو) أي لا يعاقبكم بلغو يمينكم، واللغو هو المطروح من الكلام لكونه باطلا، يقال:
لغي لغوا إذا قال باطلا، ولغو اليمين أن يحلف الرجل بالله على شيء يظن أنه صادق فيه وليس كذلك سواء كان الذي يحلف ماضيا أو غيره فليس له إثم ولا كفارة، هذا عند أبي حنيفة رضي الله عنه، وأما عند الشافعي رضي الله عنه فلغو اليمين ما سبق إليه اللسان بلا قصد الحلف نحو لا والله وبلى والله، وفي الآية معنيان: أحدهما لا يعاقبكم الله باللغو (في أيمانكم) بالظن (ولكن يؤاخذكم) أي يعاقبكم (بما كسبت قلوبكم) من قصد الإثم بالكذب في اليمين، وهو أن يحلف الرجل على ما يعلم أنه خلاف ما يقوله وهي اليمين الغموس، وسميت بالغموس لا نغماس صاحبها في الإثم بها، وثانيهما لا يؤاخذكم، يعني لا يلزمكم الله الكفارة بلغو اليمين الذي لا قصد معه ولكن يلزمكم الكفارة بما نوت قلوبكم وقصدت من اليمين لا بكسب اللسان وحده (والله غفور) لمن حنث وفر عن يمينه (حليم) [225] حيث لم يعاقبكم باللغو في اليمين، ورخص لكم الحنث والتكفير في غيره، قيل: إذا حلف أحدكم بشيء فحنث، إن كان مستقبلا فعليه كفارة وهو اليمين المنعقدة وإن كان ماضيا فان كان الحالف عالما بالواقع وحلف على خلافه فاليمين كبيرة ولا كفارة عند أبي حنيفة رضي الله عنه في الكبائر، وعند الشافعي رحمه الله يجب الكفارة فيه وهو اليمين الغموس وإن كان الحالف جاهلا بالواقع ويرى أنه صادق فيه وليس كذلك فلا كفارة فيه وهو يمين اللغو عند أبي حنيفة، واليمين «3» الغموس عند الشافعي رضي الله عنه ويحكم فيه بالكفارة «4».
[سورة البقرة (2): آية 226]
للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤ فإن الله غفور رحيم (226)
قوله (للذين يؤلون) أي يحلفون على القربان، من الإيلاء وهو يتعدى ب «على»، لكنه ضمن معنى البعد
فتعدى ب «من»، فكأنه قال: يبعدون بالقسم (من نسائهم) نزل فيمن كان يكره امرأته ويخاف أن يطلقها فيتزوجها غيره فيحلف على أن لا يقربها فيتركها لا ذات بعل ولا أيما «5»، فبين الله تعالى الحكم في المؤلين، فقال للذين يحلفون أن لا يجامعوا نساءهم (تربص أربعة أشهر) أي انتظار أجل أربعة أشهر بعد الحلف (فإن فاؤ) تفصيل للذين يؤلون، أي فهم بعد الإيلاء ان رجعوا عن اليمين في تلك الأشهر وجامعوا نساءهم من قبل أن تمضي المدة (فإن الله غفور) يغفر للمؤمنين لرجوعهم من ضرار نسائهم بالإيلاء (رحيم) [226] يرحم لهم بترخيص الكفارة في ذلك، قيل: إن فاء الحالف إليها في المدة بالوطئ إن أمكنه أو بالقول إن عجز عن الوطئ صح الفيء وحنث بالوطئ ولزمته كفارة اليمين ولا تلزمه «6» بالفيء بالقول وإن مضت المدة ولم يفئ إليها بانت بتطليقة «7» عند أبي حنيفة رحمه الله، وعند الشافعي رضي الله عنه لا يصح الإيلاء إلا في أكثر من أربعة أشهر، أي يحلف الرجل على أنه لا يقربها أكثر من أربعة أشهر، فاذا مضت المدة وقف فأما أن يجامع أو يطلق فان أبى طلق عليه القاضي وإن عجز عن الجماع فاء بلسانه، والحر والعبد سواء في مدة الإيلاء عند الشافعي رضي الله
Bogga 111