334

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Noocyada

(قال) الله تعالى (فيها) أي الأرض (تحيون) أي تعيشون (وفيها تموتون ومنها تخرجون) [25] للبعث يوم القيامة، قرئ معلوما ومجهولا «1»، ولما كان ستر العورة نعمة عظيمة لآدم وبنيه حيث يفتضحون بعدمها وهي لا تحصل إلا باللباس الحاصل من النبات الحاصل بالماء المنزل من السماء، قال مخاطبا لهم بالإشارة إلى الامتناع به عليهم (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم) أي خلقنا لكم (لباسا) بانزال الماء الذي ينبت به النبات الذي تأخذون منه ذلك بحيث (يواري) أي يستر (سوآتكم) أي عوراتكم (وريشا) مفردا، وجمعه رياش، أي وأنزلنا عليكم لباس الزينة كالريش للطائر، فانه لباسه وزينته، يعني أنزلنا عليكم لباسين، لباسا لستر عوراتكم ولباسا لزينتكم، لأن الزينة غرض صحيح كقوله «لتركبوها وزينة» «2» (ولباس التقوى) أي لباس الورع والخشية بالرفع مبتدأ، خبره (ذلك خير) أي هو أفضل من هذا اللباس، لأنه يستر منكم عيوب الدنيا والآخرة، وضع اسم الإشارة موضع الضمير، وبالنصب «3» عطف على «لباسا»، وقيل: «لباس التقوى ما يتقى به في الحروب كالدرع والجوشن والمغفر وغيرها» «4» (ذلك) أي إنزال اللباس (من آيات الله) الدالة على فضله ورحمته على عباده (لعلهم يذكرون) [26] أي يتعظون فيعرفون عظيم نعمته فيه، قيل: هذه الآية وردت على سبيل الاستطراد عقيب ذكر كشف سوآت آدم وحواء وخصف الورق عليهما إظهارا للمنة فيما خلق من اللباس لستر عورات الناس الموجبة للفضاحة والمهانة وإشعارا بأن التستر باب عظيم من أبواب التقوى «5».

[سورة الأعراف (7): آية 27]

يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون (27)

ثم قال تحذيرا لهم من طاعة الشيطان الذي أضل أباهم آدم فأخرجه من الجنة (يا بني آدم لا يفتننكم) أي لا يضلنكم عن طعاتي باتباعه فيمنعكم من دخول الجنة (الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة) حين تركا طاعتي بفتنته، وفيه نهي للشيطان لفظا وللناس معنى قوله (ينزع عنهما لباسهما) في محل النصب على الحال من ضمير «أخرج» الفاعل «6»، أي أخرجهما من الجنة نازعا ثيابهما أسنده إلى السبب وهذه الحال محكية لكون نزع اللباس سابقا على الإخراج (ليريهما سوآتهما) فان أطعتم الشيطان بفتنته ينزع عنكم ثياب دينكم وتقويكم، فيبدئ عوراتكم، أي عيوبكم في الدين كما فعل بأبويكم فأظهر عوراتهما في البدن «7»، ثم بالغ في التحذير فقال (إنه يراكم) أي إن الشيطان يبصركم (هو وقبيله) عطف على الضمير في «يراكم» وهو تأكيده، أي وجنوده (من حيث لا ترونهم) أي لا تبصرونهم، لأن أجسامهم لطيفة تخرقها «8» الأبصار فلا ترونهم «9»، يعني كونوا «10» بالحذر منه ومنهم، قال عليه السلام: «إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم» «11»، أي كمجرى الدم في العروق (إنا جعلنا الشياطين أولياء) أي أصدقاء قرناء باتباعهم (للذين لا يؤمنون) [27] أي لا يصدقون برسلي وما أنزل إليهم من الأمر والنهي كأهل مكة.

Bogga 55