Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Noocyada
مائدة من السماء) صفة «مائدة»، أي كائنة منها (تكون لنا عيدا) كائنا (لأولنا) أي لمن في زماننا (وآخرنا) أي لمن يأتي بعدنا، وإنما سمي العيد عيدا، لأنه يعود مرة بعد مرة، من عاد إذا رجع أو المعنى: نتخذ ذلك اليوم «1» عيدا، وكان ذلك اليوم يوم الأحد «2»، فصار عيدا لهم (وآية منك) أي ويكون نزول المائدة علينا علامة منك لرسالتي إليهم، ثم قال تأكيدا «3» (وارزقنا) أي وأعطنا تلك المائدة (وأنت خير الرازقين) [114] من غيرك وإنما سأل ذلك عيسى ربه، وأجيب ليلزمهم الحجة بكمالها ويرسل العذاب عليهم إذا خالفوا طعاته.
[سورة المائدة (5): آية 115]
قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين (115)
(قال الله) موحيا «4» إلى عيسى (إني منزلها) بالتشديد والتخفيف «5» (عليكم) بسؤالكم إياها مني (فمن يكفر بعد) أي بعد نزول المائدة (منكم) بعيسى (فإني أعذبه عذابا) أي تعذيبا (لا أعذبه أحدا من العالمين) [115] والضمير فيه راجع إلى العذاب بمعنى التعذيب، يعني لا أعذب تعذيبا مثل تعذيب الكافر بالله وبعيسى بعد نزول المائدة وأكلها أحدا من عالمي زمانهم، ويجوز أن يكون المراد جميع العالم مبالغة في الزجر لهم من الكفر.
روي: أن المائدة لم تنزل، لأنهم ردوها بعد التهديد، والأصح أنها نزلت بدعاء عيسى عليه السلام في سفرة حمراء بين غمامتين من فوقها وتحتها وهم ينظرون إليها حتى سقطت بين أيديهم، فبكى عيسى، فقال:
اللهم اجعلني من الشاكرين اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عقوبة، فقال عيسى: ليقم أحسنكم عملا، فقال شمعون: أنت أولى بذلك، فقال عيسى عليه السلام بسم الله، فكشف المنديل عنها، فاذا فيه سمكة مشوية فيها طعم كل شيء تسيل دسما لا شوك فيها، وعند رأسها ملح وعند ذنبها خل وحولها من جميع البقول ما خلا الكراث، وخمسة أرغفة، في واحد عسل وواحد زيتون وعلى واحد سمن وعلى واحد جبن وعلى واحد قديد، فقال شمعون: أمن طعام الدنيا أم من طعام الآخرة؟ فقال عيسى ليس منهما ولكنه شيء اختلقه الله بالقدرة العالية، كلوا من رزق الله ربكم واشكروا له يمددكم، فقالوا له: كن أول آكل منها، فقال: معاذ الله أن آكل منها فليأكل منها «6» من سألها، قيل: فخافوا فلم يأكلوا فأطعمها عيسى القافلة، روي: أنه أكل منها ألف رجل، وقيل: خمسة آلاف رجل وشبعوا، فاذا هي كهيئتها يوم نزلت، وكانت تنزل ضحى وتطير بعد الزوال، فقال الحواريون: يا روح الله لو أريتنا من هذه الآية آية أخرى، فقال يا سمكة، إحي بإذن الله، فاضطربت، ثم قال لها عودي كما كنت، فعادت مشوية، ثم طارت المائدة، ثم عصوا بعدها وكفروا، فمسخوا قردة وخنازير ثم هلكوا اجمعون «7».
[سورة المائدة (5): آية 116]
وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب (116)
Bogga 300