277

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Noocyada

أنفسكم» «1» (لا يضركم من ضل) أي ضلالة الضال (إذا اهتديتم) أي إذا ثبتم على الحق الذي هو الهدى (إلى الله مرجعكم) أي إليه مصيركم (جميعا) يوم القيامة (فينبئكم بما كنتم تعملون) [105] أي يخبركم بما عملتم في الدنيا فيجازيكم عليه، وقيل: نزلت الآية في رجال ذاقوا حلاوة الإسلام وكانت لهم قرابة من المشركين «2» أو من النصارى واليهود «3» فأرادوا أن يذيقهم حلاوة من الإسلام فلم يقبلوا منهم وتأسفوا على ذلك فمنعهم الله تعالى عن التأسف بهم ألزمهم بإصلاح أنفسهم بالمشي بها في طريق الاهتداء فليس المراد ترك الأمر والنهي على الإطلاق، لأن من تركهما مع القدرة عليهما فليس بمهتد.

[سورة المائدة (5): آية 106]

يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين (106)

قوله (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم) روي في سبب نزوله: أن رجلا من المهاجرين اسمه بديل بن أبي مريم مولى عمرو بن العاص، سافر مع نصرانيين إلى الشام ومعه إناء من فضة في خرج يساوي ثلثمائة مثقال، فلما ثقل في مرضه دفع إليهما الخرج ليوصلاه إلى مواليه، وكتب كتابا بتسمية أمتعته وألقاه في الخرج ففتشاه وأخذا منه الإناء، فلما أوصلا الوديعة إلى أصاحبها فتش أصحابها الخرج وقرؤا الكتاب ففقدوا الإناء، فطالبوهما به، فقالا: ما رأينا شيئا واختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان اسم النصرانيين تميم ابن أوس الداري وعدي بن يزيد فنزلت الآية «4»، قال الفراء: «شهادة» مبتدأ مضاف إلى «بينكم» اتساعا «5»، لأنه ظرف جعل اسما وأضيف إليه المصدر، وقيل: أصله ما بينكم ثم حذف ما منه، أي شهادتكم فيما بينكم «6» (إذا حضر أحدكم الموت) ظرف لل «شهادة» (حين الوصية) بدل من «إذا»، وخبر المبتدأ (اثنان) أي شهادة اثنين بتقدير المضاف، وصفة «اثنان» (ذوا عدل) أي صاحبا أمانة ودين (منكم) صفة أخري ل «اثنان»، أي من المسلمين أو من أقارب الميت، لأنهم أعرف بأحوال الميت وأنصح له في السفر والحضر (أو آخران) عطف على «اثنان»، أي أو شهادة رجلين آخرين (من غيركم) أي من غير ملتكم، قيل شهادة أهل الذمة نسخت بقوله تعالى «وأشهدوا ذوي عدل منكم» «7»، وجازت في أول الإسلام لقلة المسلمين «8»، وقال شريح: يجوز شهادة أهل الذمة في الوصية إذا كان الرجل في السفر «9» وتعذر الشهود من المسلمين عند مشارفة الموت، ثم اعترض بين «آخران» وصفته قوله «10» (إن أنتم ضربتم) أي سافرتم (في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت) أي أسبابه وشدائده، والفاء فيه لعطف الجملة على ما قبلها، وجواب الشرط محذوف، تقديره: فشهدوا اثنين آخرين وصفة «آخران» (تحبسونهما) أي آخران محبوسان أو استئناف بمعنى كيف نعمل «11» إن ارتبنا بهما، فقيل: تحبسونهما (من بعد الصلاة) وهو صلوة العصر وخصت بالذكر، لأن عادتهم أن يحلفوا بعدها لشرف ذلك الوقت، لأنه وقت الغروب، وأهل الأديان يعظمونه ويذكرون الله فيه ويحترزون عن الحلف الكاذب وقول الزور، فندبنا الله تعالى إلى استحلافهم في هذا الوقت الذي هم يعظمونه ويجتنبون فيه الأكاذب، وتعطف «12» على «تحبسونهما» (فيقسمان بالله إن ارتبتم)

Bogga 296