274

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Noocyada

[سورة المائدة (5): آية 96]

أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون (96)

ثم أخبر عما أبيح للمحرم بقوله (أحل لكم صيد البحر) في الإحرام وغير الإحرام، والمراد من «البحر» جميع المياه ومن صيده جميع ما صيد منه (وطعامه) أي طعام البحر، والمراد المأكول منه، وقيل: «صيد البحر طريه وطعامه مالحه» «1»، وقيل: «صيده ما صيد منه وطعامه ما رمي منه» «2» (متاعا لكم) مفعول له، أي تمتيعا لكم بأن تأكلوه طريا (وللسيارة) أي للمسافرين بأن يتزودوه لأسفارهم، والمراد السمكة المالحة، المعنى من هذه الآية أنه أبيح لكم أخذ حيوان البحر كله فبعض للانتفاع وبعض للإطعام (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) أي محرمين فلا تأخذوا الصيد منه (واتقوا الله) فيما نهيتم عنه (الذي إليه تحشرون) [96] فيجازيكم بأعمالكم، قال الشافعي: صيد البر المحرم «3» على المحرم كل حيوان يجوز أكله، سواء صاده أو صيد لأجله بأمره وغير أمره «4»، لأنه لا يجب الجزاء فيما لا يؤكل إلا واحدا وهو المتولد من الوحشي والأهلي، وأبو حنيفة يوجب الجزاء فيما لا يؤكل أيضا إلا الحية والعقرب والحداءة والفأرة والكلب العقور والذئب، ويجوز عنده أكل ما صاده الحلال وإن صاده لأجله إذا لم يدل عليه ولم يشر، وكذا ما ذبحه قبل إحرامه «5».

[سورة المائدة (5): آية 97]

جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم (97)

ثم قال (جعل الله الكعبة) أي صير بيته المرتفع والمنفرد عن البيوت (البيت الحرام) بدل من الكعبة لا صفة، لأن البيت الحرام علم للمتعبد المخصوص، وهو لا يوصف به، ويجوز أن يكون عطف بيان ولا يشترط فيه أن يكون الثاني من الاسمين أوضح (قياما للناس) بالألف وبغيرها «6» مصدر بمعنى النهوض لمصالح الناس دينا ودنيا، ونصبه مفعول ثان «7» ل «جعل» «8»، أي جعل الله قصد الكعبة سببا لقيام الأمن بين الناس، لأن العرب لا يتعرضون إلى من يقصد البيت تعظيما له، ويجوز أن يكون المفعول الثاني محذوفا و«قياما» حالا، والتقدير: جعل قصدها فرضا حال كونه نهوضا إلى أغراضهم من المعاش والمعاد، ولا يجوز أن يكون مفعولا له لعدم شرط نصبه، قوله (والشهر الحرام) عطف على «الكعبة»، أي وجعل الله الشهر الحرام الذي هو شهر ذي الحجة لقيام الحج فيه قياما للناس (و) جعل أيضا (الهدي والقلائد) قياما وأمنا لهم لصلاح دينهم ومعاشهم، لأنهم كانوا يأمنون بسوق الهدي وتقليده (ذلك) مبتدأ، خبره «9» محذوف، أي جعل الكعبة قياما للناس أو ما ذكر من تحريم الصيد في الإحرام شرعناه (لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض) أي يعلم صلاح أهلهما معاشا ومعدا (و) لتعلموا أيضا (أن الله بكل شيء عليم) [97] أي عالم بأحوال الخلق وأعمالهم سرا وعلانية فيجازيهم بها فينبغي أن يتقوه ولا يعصوه.

[سورة المائدة (5): آية 98]

اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم (98)

(اعلموا أن الله شديد العقاب) أي شديد عقوبته لمن عصاه (وأن الله غفور رحيم) [98] لمن اتقاه وأطاعه.

[سورة المائدة (5): آية 99]

ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون (99)

(ما على الرسول إلا البلاغ) أي تبليغ الرسالة للعباد وليس عليه غيره، ففيه إيذان أن الرسول قد فرغ مما

Bogga 293