270

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Noocyada

[سورة المائدة (5): آية 87]

يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين (87)

قوله (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم) نزل نهيا لجماعة من الصحابة، اجتمعوا في بيت عثمان بن مظعون فتواثقوا وعاهدوا أن يترهبوا برفض الدنيا ويلبسوا المسوح ويقوموا الليل ويصوموا النهار ويخصوا أنفسهم لئلا يقربوا النساء والفرش «1»، وحلفوا أن لا يأكلوا لحما ودسما، وذلك حين وصف لهم رسول الله عليه السلام القيامة وأحوالها وأشبع الكلام في الإنذار، فبلغ ذلك رسول الله، فقال إني لم أومر بذلك «2»، فنهاهم الله تعالى وقال يا أيها المؤمنون بالله ورسوله لا تحرموا على أنفسكم ما طاب ولذ مما أحل الله تناوله لكم (ولا تعتدوا) أي لا تتجاوزوا «3» الحلال إلى الحرام (إن الله لا يحب المعتدين) [87] من الحلال إلى الحرام وعكسه.

[سورة المائدة (5): آية 88]

وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون (88)

(وكلوا مما رزقكم الله) حال كونه (حلالا طيبا) من الطعام والشراب وإتيان النساء مستنين «4» بسنن نبيكم، فانه أكل الدجاج والفالوذ والعسل والدهن واللحم، وكان يأتي بالنساء، وأكد ذكل بقوله (واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون) [88] أي مصدقون بأوامره ونواهيه، فأحلوا حلاله وحرموا حرامه.

[سورة المائدة (5): آية 89]

لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون (89)

ثم أمرهم بتكفير أيمانهم، لأنهم لما حرموا الحلال على أنفسهم صار ذلك يمينا، ففيه دليل على أن الرجل إذا حلف على شيء والحنث خير له ينبغي أن يحنث وكفر عن يمينه، وفيه دليل على أن الكفارة بعد الحنث، لأنه تعالى أمرهم بالحنث، أي بأن يأكلوا، ثم أمرهم بالكفارة بقوله (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) محله نصب على الحال، أي كائنا فيها، واللغو: أن يحلف الرجل على شيء وهو يرى أنه كذلك وليس كما يرى في الواقع، هذا عند أبي حنيفة رحمه الله، وقال الشافعي اللغو: ما لا يعقد الرجل قلبه عليه كقول الرجل لا والله وبلى والله في كل شيء ولم يعقد قلبه على اليمين باللفظ والعزم عليها، فلا يؤاخذكم الله بتركه (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) مخففا ومشددا وبالأف قبل القاف «5»، أي حلفتم على شيء من فعل أو ترك إذا حنثتم فيها، يعني أن الرجل إذا حلف على شيء يفعله «6» ولم يفعله أو لا يفعله ففعله يؤاخذ به ويسمى «7» عقد اليمين وهو توثيقها باللفظ مع العزم عليها (فكفارته) أي ستر الحنث، الفاء في جواب «إذا حنثتم» المحذوف بدلالة الكفارة عليه (إطعام عشرة مساكين) لكل مسكين عند أبي حنيفة رضي الله عنه نصف صاع من بر أو صاع من غيره «8» أو يغديهم ويعشيهم، وعند الشافعي رحمه الله لكل مسكين مد من غالب قوت بلده، وهو رطل وثلث رطل بالعراقي، وجاز صرف الكل إلى مسكين واحد مسلما كان أو ذميا، حرا كان أو عبدا في عشرة أيام عند أبي حنيفة، ولم يجزه الشافعي إلا إلى حر مسلم في عشرة أيام، ومنعا صرف الزكوة إلى أهل الذمة، ولما كان في الناس من يسرف في النفقة على أهله قال (من أوسط) أي أعدل (ما تطعمون) منه (أهليكم أو كسوتهم) عطف

Bogga 289