267

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Noocyada

بعيسى لكذبهم في مقالتهم بالإيمان به، لأنه دعاهم إلى التوحيد بالرسالة وهم أشركوا بالله نفسه (وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله) أي وحدوه وأطيعوه (ربي وربكم) أي خالقي وخالقكم فلا تشركوا به شيئا (إنه من يشرك بالله) ويمت «1» عليه (فقد حرم الله عليه الجنة) أي دخولها، لأنها دار الموحدين (ومأواه النار) أي مقره ومصيره نار جهنم (وما للظالمين من أنصار) [72] أي ليس للمشركين مانع يمنعهم من العذاب، وهو تعيير لهم فيما يعتقدون أن لهم أنصارا بالإيمان بعيسى وقولهم إنه هو الله، قيل: إن هذه الجملة تجوز أن تكون «2» من كلام الله على معنى أنهم كذبوا وعدلوا عن سبيل الحق فيما يقولون «3» على عيسى وخالف قولهم قوله لهم فيعذبون في الآخرة، وأن يكون من كلام عيسى على معنى أن ما قالوه بعيد عن العقول، فلا ينصرهم أحد على ما يقولون يوم القيامة «4».

[سورة المائدة (5): آية 73]

لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم (73)

ثم بين حال الفريق الآخر من النصارى بقوله (لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة) أي ثلثة آلهة، يعنون الله وعيسى ومريم، فرد عليهم بقوله (وما من إله إلا إله واحد) وهو الله، و«من» فيه لاستغراق الجنس لتأكيد النفي، ثم هددهم بقوله (وإن لم ينتهوا عن ما يقولون) أي إن لم يتوبوا عن مقالتهم الباطلة (ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم) [73] أي وجيع دائم إن أقاموا على كفرهم، واللام فيه لام القسم المحذوف قبله، ولم يقل ليمسنهم ليكون التسجيل عليهم بالكفر بتكرير الشهادة به، وإنما قال «منهم»، لأن بعضهم لم يكفر.

[سورة المائدة (5): آية 74]

أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم (74)

ثم دعاهم إلى التوبة من ذلك القول بقوله توبيخا بالاستفهام (أفلا يتوبون إلى الله) من النصرانية (ويستغفرونه) عن كفرهم وقولهم الإثم (والله غفور رحيم) [74] بهم إن تابوا إليه واستغفروه عما قالوه.

[سورة المائدة (5): آية 75]

ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون (75)

(ما المسيح ابن مريم إلا رسول) كسائر الرسل من البشر (قد خلت) أي مضت (من قبله الرسل) بالموت فهو يموت ويمضي كما مضوا، ولو كان إلها لكان باقيا ولم يفن، ثم أكد ذلك بقوله (وأمه صديقة) أي امرأة، مبالغة في الصدق تشبه النبيين حين صدقت جبرائيل وما قال لها من أنا رسول ربك، ثم زاد في ثبوت البشرية لهما بقوله (كانا يأكلان الطعام) أي يعيشان بالغداء كالآدميين، فكيف يجوز أن يكون من يحتاج إلى الغداء إلها لكونه من أمارات الحدث المنافي للقديم، ثم قال تعجيبا من كفرهم مع قيام الحجة الواضحة على بشريتهما (انظر كيف نبين لهم الآيات) أي الدلالات على ذلك في عيسى ومريم، فلو كانا إلهين لما أكلا الطعام، ثم زاد في التعجيب من تركهم الإيمان مع وضوح البرهان بقوله (ثم انظر أنى يؤفكون) [75] أي كيف «5» يصرفون عن الحق ويكذبون بانكارهم وحدانيتي.

[سورة المائدة (5): آية 76]

قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع العليم (76)

ثم قال تعييرا لهم بقلة عقلهم وشدة جهلهم (قل) يا محمد (أتعبدون من دون الله) أي من غيره (ما لا يملك لكم) أي الذي لا يقدر لأجلكم (ضرا ولا نفعا) في الدنيا والآخرة، يعني عيسى وكل معبود سوى الله وتركتم عبادة الله وحده (والله هو السميع) لقولكم (العليم) [76] بحالكم وعقوبتكم.

Bogga 286