264

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Noocyada

وخرجوا كافرين حقيقة بنفاقهم ولا ينفعهم قولهم «أمنا» (والله أعلم بما كانوا يكتمون) [61] أي يسترون في قلوبهم من النفاق فيجازيهم، وهذا تهديد لهم.

[سورة المائدة (5): آية 62]

وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون (62)

(وترى كثيرا منهم) أي من المنافقين (يسارعون في الإثم) أي في الكفر والمعاصي (والعدوان) أي التعدى للغير وهو الظلم (وأكلهم السحت) أي الرشوة في الأحكام (لبئس ما كانوا يعملون) [62] بتزودهم السحت من الدنيا للآخرة.

[سورة المائدة (5): آية 63]

لو لا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون (63)

ثم نزل تخويفا للعلماء بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «1» (لو لا) أي هلا «2» (ينهاهم) أي أهل الظلم والإثم (الربانيون) أي علماؤهم الزاهدون (والأحبار) أي العلماء بالشرائع والأحكام (عن قولهم الإثم) أي المنكر (وأكلهم السحت) يعني لو لم ينهوا «3» سفهاءهم عن حكمهم الباطل وأكلهم الحرام ورضوا بفعلهم السوء ولم ينكروا عليهم (لبئس ما كانوا يصنعون) [63] أي يتمكنون من ترك الإنكار على سفهائهم تمكن الصانع من صنعته.

[سورة المائدة (5): آية 64]

وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين (64)

قوله (وقالت اليهود يد الله مغلولة) نزل حين بسط الله عليهم الرزق حتى كانوا من أكثر الناس مالا، فلما عصوه في محمد عليه السلام وكذبوه قتر عليهم الرزق، فقال فنحاص بن عازورا وغيره من اليهود عند ذلك:

يد الله محبوسة عن بسط الرزق علينا وكنوا به عن البخل «4»، فقال تعالى (غلت أيديهم) أي أمسكت عن فعل الخير، فهم البخلاء لا يعطون الناس شيئا مما أعطاهم الله تعالى وانا الجواد أو غلت أيديهم في نار جهنم بالأغلال (ولعنوا بما قالوا) أي أبعدوا عن الرحمة، وعذبوا بسبب قولهم ذلك، ثم أضرب الله عنهم برد قولهم مبينا أنه في غاية الكرام وليس ببخيل بقوله (بل يداه مبسوطتان) أي رزقه واسع على خلقه بانزال المطر من السماء وإخراج النبات من الأرض، وقيل: نعمة الدنيا ونعمة الآخرة واسعتان عليهم «5» (ينفق كيف يشاء) على مقتضى الحكمة من التوسيع والتضييق، لا اعتراض عليه، والجملة تأكيد للوصف بالسخاء ونفي البخل عنه في المعنى، ولهذا ثني اليد بعد الإفراد فيما قبله، وهو رد لقولهم على وجه أبلغ، لأن غاية سخاوة السخي أن يعطي ماله بيديه جميعا، ثم بين حسدهم بقوله (وليزيدن كثيرا منهم) أي من اليهود، وفاعل «يزيدن» (ما أنزل إليك من ربك) أي يزيدهم القرآن (طغيانا) وهو التمادي بالمعصية (وكفرا) أي جحودا بالقرآن، لأنه كلما نزل شيء منه كفروا به فيزيد جحودهم لحسدهم بنبوة محمد عليه السلام (وألقينا بينهم) أي بين اليهود (العداوة والبغضاء) أي جعلناهم مختلفين في دينهم متباغضين، فلا يقع اتفاق بينهم ولا تعاضد، لأن قلوبهم شتى وإن كانوا متحدين في الكلمة أو المراد هو العداوة بين اليهود والنصارى (إلى يوم القيامة كلما أوقدوا نارا للحرب) أي لحرب النبي عليه السلام بافساد أمره أو المكر به وبأصحابه (أطفأها الله ) أي أمات الله نار مكرهم وسكنها بقهرهم ونصر نبيه فغلبوا (ويسعون في الأرض فسادا) بكفرهم والعمل بالمعاصي ودعوة الناس إلى عبادة غير الله تعالى (والله لا يحب المفسدين) [64] أي لا يرضى بعملهم الفساد فيجازيهم به.

Bogga 283