258

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Noocyada

والحديث، وإنهم معزل عنها، قوله (للذين هادوا) يتعلق ب «يحكم»، وفيه إضمار، أي يحكمون بما في التورية لهم وعليهم، ولذلك حكم رسول الله عليهم بالرجم بحكم التورية، قوله (والربانيون) عطف على «النبيون»، أي ويحكم الزهاد والعالمون بربهم (والأحبار) أي العلماء بالشرائع والأحكام من ولد هرون الذين التزموا طريقة الأنبياء في الإسلام، وجانبوا دين اليهودية وغيره (بما استحفظوا) أي بسبب طلبهم الأنبياء حفظه من التبديل والتغيير (من كتاب الله) واستودعوه لهم بعد أن تعلموا منهم أحكامه وكلفوهم العمل بها (وكانوا) أي العلماء به (عليه) أي على ما فيه من الأحكام كالرجم وغيره (شهداء) أي رقباء لئلا يبدل، ثم قال للحكام بكتاب الله (فلا تخشوا الناس) أي اليهود من المدينة وخيبر في إظهار نعت محمد عليه السلام وإخبار آية الرجم والحكم بالحق خوف الظلمة (واخشون) في كتمان نعت محمد عليه السلام وترك الحكم بالحق (ولا تشتروا بآياتي) أي لا تستبدلوا بأحكامي (ثمنا قليلا) أي عرضا يسيرا من حطام الدنيا بالرشوة ومداراة الظلمة، عن ابن مسعود: «من شفع شفاعة ليرد بها حقا أو يدفع بها ظلما فأهدى له فقبل فهو سحت، ثم قيل له: ما ترى في الأخذ على الحكم؟ قال: «الأخذ على الحكم كفر» «1» لقوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) [44] قال ابن مسعود: «هو عام في اليهود وغيرهم» «2» ردا للرواية عن ابن عباس أنه قال: «في حق أهل الكتاب» «3».

[سورة المائدة (5): آية 45]

وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون (45)

قوله (وكتبنا عليهم) أي فرضنا على بني إسرائيل (فيها) أي في التورية حكاية ما خوطب به اليهود من الأحكام التي فرضت «4» عليهم ليكون ذلك فرضا على المسلمين ويعملوا به «5»، يعني أوجبنا عليهم (أن النفس) مأخوذة (بالنفس) إذا قتلها بغير حق (والعين) مفقوءة (بالعين) كذلك (والأنف) مجدوع (بالأنف والأذن) مصلوبة (بالأذن والسن) مقلوعة (بالسن والجروح قصاص) أي الجراحات ذات قصاص وهو المقاصة «6» في الحكم إذا أمكن فيه المساواة، وإن لم يكن فلا قصاص، بل فيه حكومة عدل، قيل: من قرأ بنصب الأسماء الخمسة، أي المعطوفات «7» جعل خبر «أن» «قصاص»، ومن قرأ بنصب الأسماء الأبعة ورفع «الجروح» بالابتداء جعل «قصاص» خبر المبتدأ «8»، وخبر «أن» قرين كل اسم منها من الجار والمجرور بتأويله، وقرئ المعطوفات بالرفع «9» عطفا على محل اسم «أن» بتأويل «كتبنا» بمعنى قلنا لأنه انما يعطف على محل اسم «إن» المكسورة دون المفتوحة، فلذلك احتيج إلى هذا التأويل، قيل: قوله «والجروح قصاص» رد لقول اليهود وهم بنو النضير حيث قالوا: الجراحات على النصف إذا كانت لأنفسهم لشرفهم على بني قريظية منهم فجعل الله الدم والجراحة بين بني النضير وغيرهم سواء، فقال كعب بن الأشرف وأصحابه للنبي عليه السلام: لا نرضى بحكمك، فقال تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون «10»، فصارت الآية عامة في جميع الناس لأجل القصاص في الدم والجراحة (فمن تصدق به) أي بالقصاص وعفي عن مظلمته في الدنيا (فهو) أي التصدق به (كفارة له) أي للمتصدق بأن يكفر الله عنه من سيئاته، قال عليه السلام: «من أصيب بشيء في جسده فتركه

Bogga 277