203

Cuyun Tafasir

عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي

Noocyada

نزلت الآية في الزبير وحاطب بن أبي بلتعة حين اختصما إلى النبي عليه السلام في مسيل الماء من الحرة، فقال عليه السلام: «يا زبير اسق به نخلك ثم أرسل الماء إلى جارك»، فغضب حاطب «1»، ثم قال الله تعالى توبيخا على نفورهم من حكمه عليه السلام (ولو أنا كتبنا) أي أوجبنا وفرضنا (عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم) كما أوجبناه على بني إسرائيل حين طلبوا التوبة من ذنوبهم (ما فعلوه) أي المكتوب عليهم (إلا قليل منهم) برفع «قليل» بدل من ضمير «فعلوا» «2»، وبنصبه «3» استثناء، والظرف صفة ل «قليل»، والقليل جماعة الصحابة كعمر ويسار وعمار بن ياسر وثابت بن قيس، وعبد الله بن مسعود، فانهم قالوا: والله «4» لو أمرنا محمد بذلك لفعلنا، فقال عليه السلام: «إن من أمتي رجالا، الإيمان في قلوبهم أثبت من الجبال الرواسي» «5»، ثم زاد توبيخهم بقوله (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به) من الطاعة والرضا بحكم الرسول (لكان خيرا لهم) في عاجلهم وآجلهم (وأشد تثبيتا) [66] أي ولكان أقوى تحقيقا لإيمانهم وأبعد من الاضطراب فيه.

[سورة النساء (4): آية 67]

وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما (67)

(وإذا) جواب لسؤال «6» مقدر، كأنه قيل: ماذا يكون لهم بعد التثبيت، فقيل: ولو ثبتوا إذن «7» (لآتيناهم) أي أعطيناهم (من لدنا أجرا عظيما) [67] وهو الجنة في الآخرة.

[سورة النساء (4): آية 68]

ولهديناهم صراطا مستقيما (68)

(ولهديناهم) أي وفقناهم لازدياد الخيرات في الدنيا (صراطا مستقيما) [68] وهو الإسلام.

[سورة النساء (4): آية 69]

ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (69)

قوله (ومن يطع الله والرسول) نزل في جماعة من الصحابة، قالوا: يا رسول الله! إن صرنا إلى الجنة تفضلنا بدرجات النبوة فلا نراك «8»، وقيل: نزل في شأن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شديد الحب له عليه السلام، قليل الصبر عنه حتى أتاه يوما «9» قد تغير لونه ونحل جسمه، فقال له رسول الله: ما غير لونك؟ فقال: ما بي مرضي ولكني أخشى أن لا أراك يوم القيامة لعلو منزلتك «10»، فقال تعالى ومن يطع أمر الله وأمر رسوله (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين) أي المبالغين في الصدق (والشهداء) كشهداء أحد وبدر وغيرهم ممن قتلوا في سبيل الله (والصالحين) من المؤمنين «11» بالإخلاص، أي لا يفوت المحبون مجالستهم في الجنة (وحسن أولئك) أي الموصوفون بهذه الصفات (رفيقا) [69] أي رفقاء في الجنة، نصبه تمييز أو حال، وفيه معنى التعجب، أي ما أحسن أولئك رفيقا، وهو مفرد بمعنى الجمع كالطفل بمعنى الأطفال.

[سورة النساء (4): آية 70]

ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما (70)

ثم أشار إلى أنهم نالوا ذلك بفضل الله لا بغيره بقوله تعالى (ذلك) أي المن والعطية، مبتدأ، خبره (الفضل من الله وكفى بالله عليما) [70] أي كفى الله عالما بثواب من أطاعه في الآخرة، فانه يعطيهم ما علمه لهم من الثواب.

Bogga 222