Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Noocyada
[سورة النساء (4): آية 55]
فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا (55)
(فمنهم من آمن به) أي بابراهيم (ومنهم من صد عنه) أي أعرض عن إبراهيم أو من اليهود من صدق بحديث إبراهيم، ومنهم من جحد بحديثه أو من اليهود من آمن بمحمد عليه السلام كابن سلام وأصحابه ومنهم من كفر به ككعب بن الأشرف ومن تابعه، ثم هدد المعرضين بقوله (وكفى بجهنم سعيرا) [55] أي وقودا مسعرة لمن كفر به.
[سورة النساء (4): آية 56]
إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما (56)
ثم بين مستقر الكفار يوم القيامة فقال (إن الذين كفروا بآياتنا) أي بمحمد والقرآن (سوف نصليهم) أي ندخلهم (نارا) في الآخرة (كلما نضجت) أي احترقت (جلودهم بدلناهم) أي جددناهم (جلودا غيرها) بأن غيرناهم من شكل إلى شكل، والعذاب للجملة الحساسة العاصية لا للجلد، قيل: إنهم إذا احترقوا خبت عنهم النار ساعة فبدلوا خلقا جديدا، ثم عادت النار تحرقهم هكذا دأبهم فيها «1»، ففيه إيذان بدوام العذاب عليهم يدل عليه «2» قوله (ليذوقوا العذاب) بلا انقطاع (إن الله كان عزيزا) أي شديد النقمة (حكيما) [56] في تعذيبه ورحمته، يعني لا يعذب أحدا ولا يرحمه «3» إلا بحكمة.
[سورة النساء (4): آية 57]
والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا (57)
ثم بين مستقر المؤمنين بقوله (والذين آمنوا) بمحمد والقرآن وعملوا الصالحات) أي الأعمال الصالحة التي أمرهم الله بها (سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا) أي مقيمين فيها لا يخرجون عنها ولا يموتون، حال من مفعول «ندخلهم» (لهم فيها أزواج مطهرة) من العيوب الظاهرة والباطنة (وندخلهم ظلا ظليلا) [57] أي دائما في نهاية اللذة والستر، وفي وصف الظل بالظليل الذي هو مشتق منه تأكيد لمعناه ومبالغة كقولهم ليل أليل إذا كان شديد الظلمة، وقيل: معناه في مكان له ظل فوق ظل لكثرة الأفنان بحيث لا فرج فيه لالتقاء الأشجار وازدحام الأوراق «4»، وقيل: «يكون ذلك من ظلال الأشجار وظلال القصور في الجنة» «5».
[سورة النساء (4): آية 58]
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا (58)
قوله (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) نزل بعد فتح رسول الله مكة حين أخذ علي رضي الله عنه مفتاح الكعبة من سادنها عثمان بن طلحة الحجبي، فطلب النبي عليه السلام عمه العباس بأن يدفع إليه المفتاح، فنزل جبرائيل فأخبر النبي عليه السلام يا محمد أن السدانة في أولاد عثمان أبدا، يأمرك الله أن ترد أمانته إلى أهلها، فرده إلى عثمان فأسلم «6»، ثم صار هذا عاما في جميع الناس وفي كل ما يؤتمن عليه من حقوق الله تعالى والآدميين، ثم قال لجميع الحكام من الولاة والقضاة (وإذا حكمتم) أي ويأمركم إذا قضيتم (بين الناس أن تحكموا بالعدل) أي بالحق أو «7» بالبينة على المدعي واليمين على من أنكر، ف «إذا» معمول فعل «8» محذوف، أي «9»
Bogga 219