Cuyun Tafasir
عيون التفاسير للفضلاء السماسير للسيواسي
Noocyada
صلوة الغداة في قنوته وقد خرجوا إلى الغزو ومحتسبين «1»، قوله (أو يتوب عليهم أو يعذبهم) معطوفان على «ليقطع»، أي نصركم «2» ليقطع طرفا من الكافرين أو يهزمهم أو يتوب عليهم فيؤمنوا أو يعذبهم إن لم يؤمنوا (فإنهم ظالمون) [128] أنفسهم بكفرهم فيكون «ليس لك من الأمر شيء» اعتراضا بين المعطوف والمعطوف عليه، وقيل: يجوز أن يكون «أو يتوب» نصبا بتقدير «أن» «3»، أي ليس لك من أمرهم شيء من التوبة والعقوبة إلا أن يتوب الله عليهم «4» فتسر أو يعذبوا فتشتفي «5» منهم، ويجوز أن يكون «أو» بمعنى حتى، فلا يكون اعتراضا على التقديرين.
[سورة آل عمران (3): آية 129]
ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم (129)
ثم عظم نفسه بأنه المالك المطلق على جميع خلقه بقوله (ولله ما في السماوات وما في الأرض) أي أهلهما عبيده وملكه (يغفر لمن يشاء) أي الذنب الكبير (ويعذب من يشاء) أي على الذنب الصغير إذا أصر عليه (والله غفور رحيم) [129] لمن تاب عن الذنوب وأطاع أمره أو غفور رحيم بتأخير العذاب عن المسيئين المستوجبين العذاب وقبول «6» التوبة عن التائبين عن محارمه.
[سورة آل عمران (3): آية 130]
يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربوا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون (130)
ثم غلظ في تحريم الربوا الذي هو من المحارم التي لا تغفر «7» كعقوق الوالدين وقطيعة الرحم والخيانة في الأمانة وظلم العباد، روي: أن رجلا كان عاقا بوالديه، يقال له علقمة، فقيل له عند الموت: قل «لا إله إلا الله»، فلم يقدر عليه حتى جاءت «8» أمه فرضيت عنه فقال بكلمة التوحيد ثم مات «9» بقوله (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربوا أضعافا مضاعفة) أي أمثالا كثيرة متزايدة، ف «أضعافا» نصب على الحال من «الربا»، و«مضاعفة» صفتها، ففي هذه الآية إيماء إلى أن الربوا يضر بايمان المؤمنين، ونهى لهم عن أكله مع توبيخ بما كانوا عليه من تضعيفه، أي لا تضعفوا أموالكم بالربوا إن كان لكم «10» إيمان بالله وآياته، وكان الرجل منهم إذا بلغ الدين محله زاد في الأجل والمال بعد بيع الشيء بأكثر من قيمته فيزيد ماله بذلك، ثم أكد النهي عن أكله بقوله (واتقوا الله) من أكل الربوا وعمله (لعلكم تفلحون) [130] من العقوبة في الآخرة.
[سورة آل عمران (3): آية 131]
واتقوا النار التي أعدت للكافرين (131)
ثم زاد على التخويف فقال (واتقوا النار التي أعدت) أي خلقت وهيئت (للكافرين) [131] بالله وآياته، قيل: معنى هذه الآية اتقوا العمل الذي ينزع به الإيمان عند الموت فتستحقون به الخلود في النار كالكفار «11»، وقد جاء في ذلك آثار كثيرة، منها قضية ثعلبة، وروى أبو بكر الوراق عن أبي حنيفة رضي الله عنهما أكثر ما ينزع الإيمان لأجل الذنوب من العبد عند الموت وأسرعها نزعا للإيمان ظلم العباد «12».
[سورة آل عمران (3): آية 132]
وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون (132)
ثم قال (وأطيعوا الله) في فرائضه وتحريم الربوا (والرسول) في سننه وفيما بلغكم من تحريم الربوا وغيره (لعلكم ترحمون) [132] أي رجاء أن يرحمكم الله ويغفر لكم ذنوبكم فلا تعذبوا بالنار المعدة للكفار.
Bogga 179