Indhaha Qosolka leh Ee Siraha Khashkhashaadda
العيون الغامزة على خبايا الرامزة
يتضمن دخول الحذف في العروض، وذلك لأن قوله «أنى» جزء محذوف وزنه فعل، وهو العروض الأولى من هذا البحر، فلعل الناظم اكتفى به عن الإتيان بشاهدٍ لمحض الحذف على حدته، فتأمل. وهذا آخر الكلام على بحر المتقارب وهو المستعمل من الدائرة الخامسة وهي دائرة المُتَِفق. والكلام على المتدارك سبق من قبل، والله أعلم. قال:
فالأضربُ والأعاريض لدنةٌ ... والأبحر يهمى والدوائر هي الهُدا
أقول هذا كالفذلكة للحساب، كأنه يقول قذ ذكرناه ضروب الشعر المستعملة مرموزًا لها بالحروف السابقة مفرقةً في البحور فجملتها ثلاثةٌ وستون ضربًا، فالسن والجيم من قوله «سَجْح» رمز لذلك، وكذلك عددنا الأعاريض مثبوتةً في محالها من البحور فجملتاه أربعٌ وثلاثون عروضًا، فاللام والدال من قوله «لدنة» إشارة لذلك، وسردنا البحور واحدًا واحدًا ودللنا على رتبة كل واحد منها فجملتها خمسةَ عشرَ مجرًا فالياء والهاء من قوله «يهمى» رمز لذلكز وذكرناه أولًا أن الدوائر هي المرموز لها بالحروف الخمسة المجموعة في قولنا «خف لشق» فهي خمس دوائر لها بالهاء من قوله «هي»، واستعمل الناظم جمع القلة للكثرة في قوله «فالا ضرب» وقوله «والأبحر»، وجمع الكثرة للقلة في قوله «والدوائر» . قال:
وقُلْ واجبُ التغيير أضرب بحرهِ ... وجائزهُ جنسُ الزِّحاف كما انبنى
أقول: يعني أن التغيير الذي يلحق الشعر على قسمين: جائز وواجب، فالواجب منه لا يكون إلا في أضرب بحره وهو التغيير المعبرّ عنه عندهم بالعلة، والأعاريض مشاركةٌ للضروب في أنها أيضًا محلّ لدخول التغيير الواجب، فكان على الناظم أن يسوقها مساقًا واحدًا لاتحاد حكمها في ذلك. واعتذر الشريف عنه بأن قال وإنما ذكرَ الضروب ولم يذكر الأعاريض ولا فرق في وجوب التغيير بين الأعاريض والضروب لأن الععروض الواحدة يكون لها أضرب متعددة فتتحد العروض مع تعدد الضرب فيظهر التغيير في الأضرب دون العروض. قلت: وهذا اعتذارٌ لا يجدي النلظم شيئًا، فإن اتحاد العروض في بعض الأحوال وتعدد الأضرب في أكثر الحالات لا يقتضي ظهور التغيير في الأضرب دون العروض، فإن التغيير الواجب متى لحق العروض ظهر فيها وإن كانت واحدةً كما يظهر في الأضرب وإن تعددت. فإن قلت: كلٌّ من العروض والضرب لا يلزم التزام التغيير الواقع فيه، بل تارةً يلزم فكيف يُقال إن الأعاريض والضروب واجبة التغيير؟ قلت: لم قل الناظم هذا، ولعلك فهمته من كلامه بأن أعربتَ «أضرب بحره» مبتدأ مؤخرًا وجعلت «واجب التغيير» خبرًا له مقدما عليه، والمعنى أنّ أضرب بحر الشعر شيء واجب التغيير، فاعلم أن الأمر ليس كما فهمته، وإنما «واجب التغيير» مبتدأ «وأضرب بحره» هو الخبر، وهو ظرف، والمعنى أن التغيير الواجب يكون في أضرب البحر، ولا يفهم من هذا أن الأضرب تكون واجبةَ التغيير دائمًا، فتأمل. وإضافة «واجب» إلى «التغيير» على هذا من إضافة الخاص إلى العام لأن التغيير أعمّ من أن يكون واجبًا أو جائزًا، فإضافة أحدهما إليه كالإضافة في «خاتمُ حديد»، والواجب حينئذ في المعنى صفةٌ للتغيير، غير أنّ في جعلِ «أضرب بحره» ظرفًا منصوبًا على إسقاط الخافض ما فيه. وقوله «وجائزه جنس الزحاف» يعني أن التغيير الجائز هو المسمى بالزحاف، وقد يدخل الأعاريض والضروب كما يدخل الحشو. وقوله «كما انبنى» أي كما انبنى في الشواهد التي أوردناها في البحور حسب ما يظهر بأدنى تأمل. قال:
وخذْ لَقَبَ المذكور مما شرحته وصغ زِنةً تحذو بها حذو من مضى
أقول: يعني أنك في الأبيات التي أشار إليها بالكلمات المقطّعات فيما تقدم المسوقة للاستشهاد على الأعاريض والضروب والزحافات، وتعتبر ما فيها من التغيير العارض لها فخذ لقبه مما شرحه في الكلام على العلل والكلام على الزحاف، فهو مما يرشدك إلى ذلك ويدل عليه. ونضرب مثالًا لذلك فنقول: قد أشار فيما مر إلى أن للطويل عروضًا واحدة وثلاثة أضرب، وأشار إلى شواهدها بالكلمات المنتزعة من الأبيات التي أنشدها العروضيون، «فغزوا» من قوله: أبا منذرٍ كانت غُرورًا صحيفتي ولم أعطكمْ في الطّوع مالي ولا عرضي
1 / 74