64

Cuyun Athar

عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير

Daabacaha

دار القلم

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٤/١٩٩٣.

Goobta Daabacaadda

بيروت

وَحَكَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّهَا كَانَتْ تِسْعَ أَذْرُعٍ مِنْ عَهْدِ إِسْمَاعِيلَ، يَعْنِي ارْتِفَاعَهَا، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا سَقْفٌ، فَلَمَّا بَنَتْهَا قُرَيْشٌ قَبْلَ الإِسْلامِ زَادُوا فِيهَا تِسْعَ أَذْرُعٍ، فَكَانَتْ ثَمَانِ عَشْرَةَ ذِرَاعًا، وَرَفَعُوا بَابَهَا عَنِ الأَرْضِ، فَكَانَ لا يُصْعَدُ إِلَيْهَا إِلَّا فِي دَرَجٍ أَوْ سُلَّمٍ، وَأَوَّلُ مَنْ عَمِلَ لَهَا غَلَقًا تُبَّعٌ، ثُمَّ لَمَّا بَنَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ زَادَ فِيهَا تِسْعَ أَذْرُعٍ، فَكَانَتْ سَبْعًا وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَعَلَى هَذَا هِيَ إِلَى الآنَ. وَكَانَ بِنَاؤُهَا فِي الدَّهْرِ خَمْسَ مَرَّاتٍ: الأُولَى: حِينَ بَنَاهَا شِيثُ بْنُ آدَمَ ﵉. وَالثَّانِيَةُ: حِينَ بَنَاهَا إِبْرَاهِيمُ على القواعد الأولى. الثالثة: حِينَ بَنَتْهَا قُرَيْشٌ قَبْلَ الإِسْلامِ بِخَمْسَةِ أَعْوَامٍ. وَالرَّابِعَةُ: حِينَ احْتَرَقَتْ فِي عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِشَرَرَةٍ طَارَتْ مِنْ أَبِي قُبَيْسٍ فَوَقَعَتْ فِي أَسْتَارِهَا فَاحْتَرَقَتْ، وَقِيلَ: إِنَّ امْرَأَةً أَرَادَتْ أَنْ تُجَمِّرَهَا فَطَارَتْ شَرَارَةٌ مِنَ الْمِجْمَرَةِ فَاحْتَرَقَتْ، فَشَاوَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي هَدْمِهَا مَنْ حَضَرَ فَهَابُوا هَدْمَهَا وَقَالُوا: نَرَى أَنْ تُصْلِحَ مَا وَهَى وَلا تَهْدِمَ فَقَالَ: لَوْ أَنَّ بَيْتَ أَحَدِكُمُ احْتَرَقَ لَمْ يَرْضَ لَهُ إِلَّا بِأَكْمَلِ إِصْلاحٍ، وَلا يَكْمُلُ إِصْلاحُهَا إِلَّا بِهَدْمِهَا، فَهَدَمَهَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا فِي الْحَفْرِ، فَحَرَّكُوا حَجَرًا مِنْهَا فَرَأَوْا تَحْتَهُ نارا وهولا أفزعهم، فأمرهم أن يغزوا الْقَوَاعِدَ، وَأَنْ يَبْنُوا مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الْحَفْرُ. وَفِي الْخَبَرِ أَنَّهُ سَتَرَهَا حِينَ وَصَلَ إِلَى الْقَوَاعِدِ، فَطَافَ النَّاسُ بِتِلْكَ الأَسْتَارِ فَلَمْ تَخْلُ مِنْ طَائِفٍ، حَتَّى لَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ يَوْمَ قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ اشْتَدَّتِ الْحَرْبُ وَاشْتَغَلَ النَّاسُ، فَلَمْ يُرَ طَائِفٌ يَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ إِلَّا جَمَلٌ يَطُوفُ بِهَا. فَلَمَّا اسْتَتَمَّ بُنْيَانَهَا أَلْصَقَ بَابَهَا بالأرض، وعمل لها خلفا أَيْ بَابًا آخَرَ مِنْ وَرَائِهَا، وَأَدْخَلَ الْحَجَرَ فِيهَا، وَذَلِكَ لِحَدِيثٍ حَدَّثَتْهُ بِهِ خَالَتُهُ عَائِشَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَمْ تَرِي قَوْمَكِ حِينَ بَنَوُا الْكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ عَجَزَتْ بِهِمُ النَّفَقَةُ» . ثُمَّ قَالَ ﵇: «لَوْلا حِدْثَانُ قَوْمَكِ بِالْجَاهِلِيَّةِ لَهَدَمْتُهَا وَجَعَلْتُ لَهَا خَلْفًا وَأَلْصَقْتُ بَابَهَا بِالأَرْضِ وَلأَدْخَلْتُ الْحَجَرَ فِيهَا أَوْ كَمَا قَالَ ﵇. قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَلَيْسَ بِنَا الْيَوْمَ عَجْزٌ عَنِ النَّفَقَةِ، فَبَنَاهَا عَلَى مُقْتَضَى حَدِيثِ عَائِشَةَ. فَلَمَّا قَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ: لَسْنَا مِنْ تَخْلِيطِ أَبِي خُبَيْبٍ بِشَيْءٍ، فَهَدَمَهَا وَبَنَاهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بِنَائِهَا جَاءَهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ

1 / 67