Cuyun Athar
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Daabacaha
دار القلم
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٤/١٩٩٣.
Goobta Daabacaadda
بيروت
وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ مُخَيْرِيقُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ خَبَرُهُ، وَكَانَ الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ مُنَافِقًا لَمْ يَنْصَرِفْ مَعَ عَبْد اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ فِي حِينِ انْصِرَافِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مَعَ جَمَاعَتِهِ عَنْ غَزْوَةِ أُحُدٍ. وَنَهَضَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا الْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ عَدَا عَلَى الْمجذرِ بْنِ زِيَادٍ وَعَلَى قَيْسِ بْنِ زَيْدٍ أَحَد بَنِي ضُبَيْعَةَ فَقَتَلَهُمَا، وَفَرَّ إِلَى الْكُفَّارِ، وَكَانَ الْمُجَذّرُ قَدْ قَتَلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ سُوَيْدَ بْنَ الصَّامِتِ وَالِدَ الْحَارِثِ الْمَذْكُورِ فِي بَعْضِ حُرُوبِ الأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ. ثُمَّ إِنَّ الْحَارِثَ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ إِلَى قَوْمِهِ، وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ قَدِمَ، فَانْهَضْ إِلَيْهِ وَاقْتَصَّ مِنْهُ لِمَنْ قَتَلَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَدْرًا يَوْمَ أُحُدٍ، فَنَهَضَ رَسُول اللَّهِ ﷺ إِلَى قُبَاءٍ فِي وَقْتٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيَهُمْ فِيهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الأَنْصَارُ أَهْلُ قُبَاءٍ فيِ جَمَاعَتِهِمْ، وَفِي جُمْلَتِهِمُ: الْحَارِثُ بْنُ سُوَيْدٍ، وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ مُوَرَّسٌ [١]
فَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ عُوَيْمَ بْنَ سَاعِدَةَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَقَالَ الْحَارِثُ: لِمَ يَا رسول الله؟ فقال: بقتلك المجذر بن ذياد وَقَيْسِ بْنِ زَيْدٍ، فَمَا رَاجَعَهُ الْحَارِثُ بِكَلِمَةٍ، وَقَدَّمَهُ عُوَيْمٌ فَضَرَبَ عُنُقَهُ،
ثُمَّ رَجَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَلَمْ يَنْزِلْ عِنْدَهُمْ. هَذَا عَنْ أَبِي عُمَرَ النَّمِرِيِّ، وَالْمَأْمُورُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، وَعِنْدَ آخَرِينَ بَعْض الأَنْصَارِ، وَفِي قَتْلِ الْمُجَذَّرِ سُوَيْدًا خِلافٌ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ.
قَالَ ابْنُ إسحق: وَحَدَّثَنِي الْحُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ يَقُولُ: حَدِّثُونِي عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الجنة لم يصلّ قد، فَإِذَا لَمْ يَعْرَفْهُ النَّاسُ سَأَلُوهُ: مَنْ هُوَ؟ فَيَقُولُ: أُصَيْرِمُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، عَمْرُو بْنُ ثَابِتِ بْنِ وَقْشٍ، قَالَ الْحُصَيْنُ: فَقُلْتُ لِمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ [٢]:
كَيْفَ كَانَ شَأْنُ الأُصَيْرِمِ قَالَ: كَانَ يَأْبَى الإِسْلامَ عَلَى قَوْمِهِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ خُرُوجِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى أُحُدٍ، بَدَا لَهُ فِي الإِسْلامِ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ، فَغَدَا حَتَّى دَخَلَ فِي عرض الناس، فقاتل حتى أثبته الْجِرَاحَةُ، قَالَ فَبَيْنَا رِجَالٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ يَلْتَمِسُونَ قَتْلاهُمْ فِي الْمَعْرَكَةِ، إِذَا هُمْ بِهِ،
فَقَالُوا: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا للأُصَيْرِمُ، مَا جَاءَ بِهِ؟ لَقَدْ تَرَكْنَاهُ وَإِنَّهُ لَمُنْكِرٌ لِهَذَا الحديث، فسألوه [٣]: ما جاء بك، أحدب على قومك أو رغبة في
[(١)] أي مصبوغ بالورس، والورس نبت أصفر يكون باليمن، يصبغ به الثياب والخز وغيرهما.
[(٢)] وعند ابن هشام: فقلت لمحمود بن أسد.
[(٣)] وعند ابن هشام: فسألوه ما جاء به، فقالوا: ما جاء بك يا عمرو؟ أحدب على قومك أم رغبة في الإسلام؟
2 / 26