Cuyun Athar
عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير
Daabacaha
دار القلم
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٤/١٩٩٣.
Goobta Daabacaadda
بيروت
أَحْسَسْتَ أَحَدًا، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أُنْكِرُهُ، إِلَّا أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَاكِبَيْنِ قَدْ أَنَاخَا إِلَى هَذَا التَّلِّ، ثُمَّ اسْتَقَيَا فِي شَنٍّ لَهُمَا ثُمَّ انْطَلَقَا، فَأَتَى أَبُو سُفْيَانَ مَنَاخَهُمَا فَأَخَذَ مِنْ أَبْعَارِ بَعِيرَيْهِمَا، فَفَتَّهُ ثُمَّ شَمَّهُ، فإذا فيه النوى، فقال: هذه والله غلائف يَثْرِبَ، فَرَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ سَرِيعًا، فَضَرَبَ وَجْهَ عِيرِهِ عَنِ الطَّرِيقِ فَسَاحَلَ [١] بِهَا وَتَرَكَ بَدْرًا بِيَسَارٍ، وَانْطَلَقَ حَتَّى أَسْرَعَ، وَأَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ، فَلَمَّا نَزَلُوا الْجُحْفَةَ رَأَى جُهَيْمُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ بْنِ مَخْرَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ رُؤْيَا، فَقَالَ: إِنِّي فِيمَا يَرَى النَّائِمُ وَإِنِّي لَبَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، إِذْ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ حَتَّى وَقَفَ وَمَعَهُ بَعِيرٌ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: قُتِلَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو الْحَكَمِ بْنُ هِشَامٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَفُلانٌ وَفُلانٌ، فَعَدَّدَ رِجَالا مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ ضُرِبَ فِي لَبَّةِ بَعِيرِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي الْعَسْكَرِ، فَمَا بَقِيَ خِبَاءٌ مِنْ أَخْبِيَةِ الْعَسْكَرِ إِلَّا أَصَابَهُ نَضْحٌ مِنْ دَمِهِ، قَالَ: فَبَلَغْتُ أَبَا جَهْلٍ، فَقَالَ: وَهَذَا أَيْضًا نَبِيٌّ آخَرُ مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ، سَيُعْلَمُ غَدًا مَنِ الْمَقْتُولُ إِنْ نَحْنُ الْتَقَيْنَا.
قَالَ ابن إسحق: وَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَنَّهُ قْدَ أَحْرَزَ عِيرَهُ، أَرْسَلَ إِلَى قُرَيْشٍ: أَنَّكُمْ إِنَّمَا خَرَجْتُمْ لِتَمْنَعُوا عِيرَكُمْ وَرِجَالَكُمْ وأَمْوَالَكُمْ، وَقَدْ نَجَّاهَا اللَّهُ فَارْجِعُوا، فَقَالَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ: وَاللَّهِ لا نَرْجِعُ حَتَّى نَرِدَ بَدْرًا- وَكَانَ بَدْرٌ مَوْسِمًا مِنْ مَوَاسِمِ الْعَرَبِ، يَجْتَمِعُ لَهُمْ بِهِ سُوقٌ كُلَّ عَامٍ- فَنُقِيمُ عَلَيْهِ ثَلاثًا، فَنَنْحَرُ الْجَزُورَ، وَنُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَنَسْقِي الْخَمْرَ، وتعزف علينا القيان [٢]، وتسمع بنا العرب وبسيرنا وجمعنا، فلا يزالون يهابوننا أبدا بعدها [فأفضوا] [٣]: وَقَالَ الأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ- وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي زهرة: يا بني زهرة: [وهم بالجحفة] [٤] قَدْ نَجَّى اللَّهُ أَمْوَالَكُمْ، وَخَلَّصَ لَكُمْ صَاحِبَكُمْ مخرمة بن نوفل، وإنما نفرتم ثم لِتَمْنَعُوهُ وَمَالَهُ، فَاجْعَلُوا بِي جُبْنَهَا وَارْجِعُوا، فَإِنَّهُ لا حَاجَةَ لَكُمْ بِأَنْ تَخْرُجُوا فِي غَيْرِ ضَيْعَةٍ، لا مَا يَقُولُ هَذَا، فَرَجَعُوا، فَلَمْ يَشْهَدْهَا زُهْرِيٌّ وَلا عَدَوِيٌّ أَيْضًا [٥] وَمَضَى الْقَوْمُ، وكان بين طالب بن أبي طالب-
[(١)] أي سار بها جهة الساحل.
[(٢)] أي الجواري.
[(٣)] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام.
[(٤)] زيدت على الأصل من سيرة ابن هشام.
[(٥)] وفي سيرة ابن هشام (٢/ ٢٧١): فلم يشهدها زهري واحد، أطاعوه وكان فيهم مطاعا، ولم يكن بقي من
1 / 292