(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) (البقرة: ١٤٣). (^١)
وهذه الآية وإن كانت عامة في الأمة كلها كما قال الحافظ ابن كثير، غير إن جيل الصحابة الكرام ﵃ في طليعة هذه الأمة لأنهم خير القرون، ولأنهم خير من قام بمهام الدين كلها ولا سيما بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي جاءت الخيرية منوطة بالقيام به مقترنًا بالإيمان بالله في هذه الآية.
وإن كان المعني بالخطاب في هذه الآية الكريمة في قوله سبحانه: (كُنْتُمْ) هو جيل الصحابة الذين عاصروا الرسالة وعايشوا التنزيل، فهي كذلك تعم كل من أدى شرط الله فيها ممن أتى من بعدهم من عموم الأمة ممن قام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مقترنًا بالإيمان بالله تعالى- كذلك-.
قال عمر ﵁-:
مَنْ سرَّه أن يكون من هذه الأُمَّة فليؤدِّ شرط الله فيها. (^٢)
ثالثًا: كثرة صلاتهم وصحة عبوديتهم لله
قال تعالى في وصف كثرة صلاتهم: (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ)، (الفتح: ٢٩)
وقوله سبحانه: (تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا) أي: وصْفُهم كَثرةُ الصَّلاةِ التي أجَلُّ أركانِها الركوعُ والسُّجودُ.
يَبْتَغُونَ بتلك العبادةِ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا أي: هذا مقصودُهم بلوغُ رِضا رَبِّهم، والوُصولُ إلى ثوابِه.
وقوله: (سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) أي: قد أثَّرَت العبادةُ - من كَثرتِها