بحصون مصر، نعم لو أذعن الإنجليز بما للدولة العثمانية من الحق، وتركوا لها بلادها وفوضوا إليها إعادة الراحة فيها وإهماد فتنة السودان؛ فلا تخال الدولة تتأخر عن القيام بما يفوض إليها بل هو ما تتمناه وتسعى إليه، ولعل الحوادث تلجئ دولة بريطانيا إلى مثل ما لجأ إليه جوردون فتسلم الأمر لمالكه،
2
ما ذلك على الله بعزيز.
الفصل الثالث والأربعون
دسيسة أخرى
هيأ الإنجليز فتنة فكانت، وأغاروا على مصر بحجة إهمادها، وأوثقوا الدول على أن تكون إقامتهم في الديار المصرية إلى أن تستقر الراحة فيها ثم يخرجون، لكنهم بعدما حلوها لا يزالون يسعون من يوم وطئوها إلى اليوم في إيقاظ الفتن ويجهدون لإطلاق الخواطر، ليقدموا ما يكون من هذا عذرا لدى الدول في تطويل مدة إقامتهم بالقطر المصري، لعلهم يجدون من تقلبات السياسة الأوروبية فرصة للحلول الأبدي، ومن ذلك ما سولوا للأروام أن يحتفلوا بعيد استقلالهم على نمط لم يسبق له نظير في الأقطار المصرية من قبل، وزينوا لهم ما فعلوا بما يقدرون عليه من الطرق الخفية، حتى انخدع الأروام لوساوسهم مع أنهم أحق الناس برعاية الأدب، وما كان مثل ذلك من مأموري الإنجليز في مصر إلا ليقلبوا أفكار المصريين ويحركوا الضغائن في نفوسهم ويذكروهم بما كان بينهم وبين اليونانيين أيام إبراهيم باشا، فيوقظوا بذلك الفتنة بين سكان القاهرة وبعض المدن المصرية وبين من يساكنهم من الملل الأجنبية، ويعيدوا تاريخ بعض الحوادث المشئومة التي كادت تمحى دواعيها بعد ما حدث من نحو سنتين، ثم يجعلوا ما يحدث من اختلال علة لدوام الاحتلال أو التسويف في الجلاء.
الفصل الرابع والأربعون
الورطة الجديدة
التوى سير السياسة الإنجليزية في المسألة المصرية، وقزلت
1
Bog aan la aqoon