ولا لهُ في الملا عدوُّ ... ولا لخلق عليه منة
وحضر يومًا جماعة من الفقهاء على طعام صنعه لهم الأمير شمس الدين علي بن يحيى العسني وكان بين ذلك الطعام صفحة مملوءَة لحوحًا وزومًا فتاقت نفس الفقيه إليه أكثر من غيره فكان يمد يده إلى الصفحة وكانت الصفحة على بعد منه فقال الأمير:
بَعُدَ اللحوح عن الفقيه الأوحد ... عثمان بل خير البرية عن يد
فأجابه الفقيه مرتجلًا:
ترد المراسم أن أردت بنقله ... ويطول منك الباع أن قصرت بدي
فقام الأمير مسرعًا من مكانه واحتمل الصحفة بما فيها ووضعها بين يدي الفقيه ثم لما انقضى الطعام قال الأمير شمس الدين للفقيه يا سيدي إني رأَيتك تحب اللحوح وقد وهبت لك الحربة الفلانية تكون باسم اللحوح فاقبلها مني فقبلها وكانت تسوى ألف دينار. فرحم الله علي بن يحيى ما كان الطف شمائله واجزل نائله وأكثر فضله وفضائله. وكانت وفاة الفقيه عثمان المذكور يوم الأحد لثلاث بقين من رمضان من السنة المذكورة. ولما توفي الفقيه عثمان في التاريخ المذكور خلفه ابنه يحيى بن عثمان بن يحيى بن فضل وكان مولده يوم الجمعة لخمس خلون من صفر سنة سبع عشرة وستمائة. وكان فقيها ورعا دئبا نقالًا للفروع عارفًا بها نزل إلى ذي جبلة فدرس في المدرسة الشرفية. وكان يطلع بلده في كل سنة يقف فيها شهرين أيام انتقال الغلة ثم يرجع إلى جبلة وقد اجتمعت عليه وقف المدرسة المذكورة فيصرف له الناظر نفقته في السنة فيرد منها نفقة شهرين لأجل غيبته عن المدرسة فقيل له يومًا أن المدرسين قبلك كانوا يغيبون أكثر مما تغيب أنت ويأخذون نفقة السنة كلها فقال لا تسأَلون عما أجرمنا ولا نسأًل عما تعملون. وكان يصرف ما يقتضيه من النفقة على المحتجين من الطلبة وفيما يطلبه منهُ أهل الديوان في خراج أرضه وتوفي ﵀ في