93

Cuqud Durriyya

العقود الدرية

Baare

محمد حامد الفقي

Daabacaha

دار الكاتب العربي

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Goobta Daabacaadda

بيروت

ثمَّ إِن ذَلِك إِذا ركب بِأَلْفَاظ كَثِيرَة طَوِيلَة غَرِيبَة عَمَّن لم يعرف اصطلاحهم أوهمت الغر مَا يُوهِمهُ السراب للعطشان ازْدَادَ إِيمَانًا وعلما بِمَا جَاءَ بِهِ الْكتاب وَالسّنة فَإِن الضِّدّ يظْهر حسنه الضِّدّ وكل من كَانَ بِالْبَاطِلِ أعلم كَانَ للحق أَشد تَعْظِيمًا وبقدره أعرف فَأَما الْمُتَوَسّط من الْمُتَكَلِّمين فيخاف عَلَيْهِ مَا لَا يخَاف على من لم يدْخل فِيهِ وعَلى من قد أنهاه نهايته فَإِن من لم يدْخل فِيهِ هُوَ فِي عَافِيَة وَمن أنهاه فقد عرف الْغَايَة فَمَا بَقِي يخَاف عَلَيْهِ من شَيْء آخر فَإِذا ظهر لَهُ الْحق وَهُوَ عطشان إِلَيْهِ قبله وَأما الْمُتَوَسّط فمتوهم بِمَا يلقاه من المقالات الْمَأْخُوذَة تقليدا لمعظمه وتهويلا وَقد قَالَ النَّاس أَكثر مَا يفْسد الدُّنْيَا نصف مُتَكَلم وَنصف متفقه وَنصف متطبب وَنصف نحوي هَذَا يفْسد الْأَدْيَان وَهَذَا يفْسد الْبلدَانِ وَهَذَا يفْسد الْأَبدَان وَهَذَا يفْسد اللِّسَان وَمن علم أَن الْمُتَكَلِّمين من المتفلسفة وَغَيرهم فِي الْغَالِب فِي قَول مُخْتَلف يؤفك عَنهُ من أفك يعلم الذكي مِنْهُم الْعَاقِل أَنه لَيْسَ هُوَ فِيمَا يَقُوله على بَصِيرَة وَأَن حجَّته لَيست بِبَيِّنَة وَإِنَّمَا هِيَ كَمَا قيل فِيهَا ... حجج تهافت كالزجاج تخالها ... حَقًا وكل كاسر مكسور ...

1 / 109