إن قيل: أن هذا إنما فعله الله تعالى معجزة لرسول الله صلى الله عليه وآله؟
قلت: هما فصلان:
أحدهما: في وقوع النطق مما ذكرناه.
والثاني: في سماع غير النبي لحديثهم.
أما الأول: في وقوع الحديث منهم، وهو المراد وقد أقمنا عليه الدلائل، وأوضحنا وقوعه.
وأما الثاني: في سماع كلامهم، فلا ريب في أنه من معجزات رسول الله صلى الله عليه وآله، وأن الله تعالى أظهر كلام من أظهر كلامه من ما حكيناه كرامة لرسول الله صلى الله عليه وآله.
إن قيل: أن الكلام لا يوجد إلا في محل ولا بد أن يكون ذلك المحل مبنيا بنية مخصوصة.
قلت: هما مسألتان:
الأولى: أنه لا محل للكلام في السماء والأرض.
والثانية: أنه لابد أن يكون مبنيا بنية مخصوصة.
أما الأولى: فالذي قالوه غير صحيح، وأن بين السماء والأرض أجسام، والأجسام محل الكلام.
وأما الثانية: وهو أنه لابد أن تكون متباينة مخصوصة، فيقال لهم: هذا اقتباس على مجرد الوجود، وهو ممنوع عند الأصوليين، ثم تسألون ما المراد في أنه يحتاج إلى بنية مخصوصة.
إن قلتم: إلى لسان وشفتين وفم.
قلت: يبطل بالكلام الموجود في الصدا، فإنه يوجد فيه الكلام، فليس هو على ما ذكرتم بالاضطرار وإن أردتم أنه لا بد من تكوين يظاهي هي الفم واللسان والشفتبن.
قلت: يبطل أيضا بالصدا، فإن الكلام يسمع فيه ولا شيء من ما ذكرتموه حاصل، ثم يقال لهم: أن اشتراط....لشترطتم لا دليل عليه، وإثبات ما لا دليل عليه يفتح باب الجهالات فيجب نفيه.
والكلام في هذا الفصل أو سع من ما ذكرت، وقد طولت فيه بعض تطويل ليرى من قد رسخ في قلبه ما نقل عن ....، فالفطام عن المألوف عسير، والذي ذكرناه قليل من كثير، ثم أعود فأبين أن قد روي كلام من ما ليس في وقت النبي صلى الله عليه وآله، ولا يقال أنه كان معجزا للنبي صلى الله عليه وآله.
Bogga 100