قلت: أنه تعالى أتى بحرف ما لا يعقل، وما كان عز وجل يطلق ما لايعقل على من يعقل، يوضحه أنه تعالى حين أراد أن يدخلهم جميعا أتى لكل شيء بما يصلح له، فقال عز وجل: {ألم ترى أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب} أفلا تنظر بعين الرؤية كيف عم المخلوقات بالسجود، وأتى لمن لم يعتبر، ثم أردف بالعقل بالتعداد فعمهم.
إن قيل: أن المراد بالسجود أنه يسجد المكلف لما برى من آثار الصنعة الإلاهية التي يجوز فيها الفكر.
قلت: ما أبعده من حمل، فإنه تعالى عم الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب، فدخل جميع المخلوقات، ولما أراد ذكر الناس قصرهم على بعض دون بعض، ولو أراد أنهم يسجدون لأجل ما يشاهدونه من الصنعة الغريبة، والفطرة العجيبة لكان الكلام متناقضا، كيف.......أنهم يسحدون بأول الآية ثم ينفيه أخرى بآخرها هذا ما لا يعقل، يؤكد ما....: قول الله تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا} أتى تعالى بنهاية العموم، ثم أخبر تعالى إما لا نفقه تسبيحهم، وأخبر تعالى إما لا نفقه ما يسبحون به على العموم، فلو كان تعالى يريد ما قال المعترض، لكان خلفا؛ لأن البعض ينظر في المخلوقات فيتدبر فيها فيسجد، وهو تعالى نفى الصفة عن الكلام،........ قول الله عز وجل: {ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون} فأثبت تعالى أن السجود واقع من ما في الأرض والملائكة عليهم السلام، وعم الجميع، ولم يكن من الناس عموم السجود.
Bogga 91