وكما فعله أمير المؤمنين عليه السلام ما قاضيه شريح -رحمه الله- فإنه أمره أن يقضي فقال: لتقضين بينهما، وهذا سائغ أن يفوض فإن كان قد أمره الله تعالى بأن يحكم بالإجتهاد كان حكمه صلى الله عليه وآله [وسلم] بالإجتهاد صادر عن وحي ثم يقال: إن هذه الآية قدمنا أنها نزلت في شأن النجم ، فلما اتهمه المشركون وأنه صلى الله عليه وآله [وسلم] قال : ما قال عن هوى برأه الله تعالى عن ذلك وأكد إمامة أمير المؤمنين عليه السلام فقال سبحانه : {ما ضل صاحبكم وما غوى} وما ينطق في شأن النجم عن هوى إن هو إلا وحي يوحى ، وليس لقائل أن يقول إن قصر الآي على الأسباب غير معتمد فالآية وإن كانت في شأن النجم فإنها عامة في سائر الأحكام لأن للمجيب أن يجيب أن نزولها في هذه القضية الموجب قصرها عليها ثم يقال: ما المخصص لقول منه صلى الله عليه وآله [وسلم] عن قول ولقد كان يمازح أصحابه ويحدث الصغار بما يوافقهم من الأول أنه قال لجابر -حين أخبره أنه نكح ثيبا-:" هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك"( ) وكذلك قوله صلى الله عليه وآله [وسلم] في خبر آخر فاعمل عملا [.........]فهو كثير.
ومن الثاني: أنه صلى الله عليه وآله [وسلم] قال للصبي الصغير المسمى أبا عمير حين مات نغيره: ما فعل النغير يا أبا عمير"( ) وهو كثير وليس أي من ذلك وحي وليس لهم أن يقولوا: نقصر ذلك على الأحكام لأن لقائل أن يقول: وأنا أقصره على القضية التي نزلت في شأنها.
إن قيل: أن الصحابة كانوا يراجعونه فيما عرفوا أنه صدر عن غير وحي ويردونه عنه كما ردوه عن المنزل الذي نزله وقالوا: إن كان عن الله فسمعا وطاعة، وإن كان الرأي والمكيدة فليس كذلك .
قلت: لا ريب في أنهم يفعلون ذلك في الأمور الدنيوية والحرب تدبيره أمر دنيوي فليس يجب إذا فعلوا ذلك في أمر دنيوي أن يكون لأجل أنه من غير وحي.
وقد روينا أنه صلى الله عليه وآله [وسلم] قال لهم ذات يوم :" أنتم أعرف بأمر دنياكم"( ).
Bogga 209