Cinwaanka Guusha Sheekada Yuusuf Al-Sadiiq
عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق
Noocyada
تادرس وهبي بك
قبطي أزهري، حافظ للقرآن الكريم
هذا الكتاب يحمل بين طياته كتابا تراثيا نادرا، كتب عليه النسيان والضياع، كما كتب على مؤلفه التجاهل من قبل الأدباء والكتاب! فالكتاب هو: «عنوان التوفيق في قصة يوسف الصديق»، الذي نشر عام 1885، أما مؤلفه فهو تادرس وهبي بك أستاذ وناظر المدرسة القبطية بحارة السقائين، ومدير مدرسة الأقباط الكبرى بالأزبكية، وناظر المدارس القبطية في مصر! ورغم هذه المناصب، ورغم بكويته، إلا أنه لم يحظ بأي تقدير أدبي أو تاريخي حتى اليوم، إلا من بعض الكتابات اليسيرة، التي جاءت في تراجم بعض المعاجم، وإن كان أفضل ما كتب عنه، الصفحات القليلة التي كتبها محمد سيد كيلاني في كتابه «الأدب القبطي قديما وحديثا»!
واليوم يقوم المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية بإحياء هذا الكتاب مرة أخرى، بعد مائة وعشرين سنة من طباعته لأول مرة، وذلك بإعادة نشره بصورته التراثية المطبوع بها أول مرة. ودراستنا هذه إتمام لهذا الإحياء، حيث سنتعرض فيها إلى الحديث عن حياة المؤلف ونشأة المدارس القبطية - وبالأخص مدرسة حارة السقائين - ومؤلفاته في النحو والصرف والتراجم والمراثي والمسرحيات والخطب والأشعار، ودوره الريادي في مجال المسرح المدرسي ... إلخ هذه الأمور التي نأمل من ورائها إجلاء صورة هذا المعلم والأديب المنسي؛ لنعيد إليه مكانته التاريخية في مجال الأدب والتعليم.
تادرس وهبي في مرحلة الشباب. (1) حياته
في أوائل القرن التاسع عشر، وبالأخص في بداية حكم محمد علي باشا، كان هناك فرق في معاملات الدولة بين المسلمين والأقباط في مصر. منها على سبيل المثال أخذ الجزية من الأقباط، على اعتبارهم من الذميين، كما أن محمد علي حرم عليهم الدخول في الخدمة العسكرية (التجنيد)، وبالتالي عدم توليهم المناصب العسكرية. وعلى الرغم من ذلك، فمن يقرأ تاريخ هذه الفترة لا يشعر بأن هذه الفروق أحدثت خللا اجتماعيا بين المسلمين والأقباط، أو جعلت الأقباط يشعرون بأنهم في مرتبة أقل من المسلمين! وتدريجيا وبمرور الأيام زالت هذه الفروق . وكفى بنا أن نستشهد برأي «جوج بوزنج» المبعوث الإنجليزي في مصر، في تقريره إلى بلمرستون وزير خارجية بريطانيا عام 1837، عندما قال:
كان الأتراك يعتبرون الأقباط طائفة منبوذة من الشعب المصري، وبالرغم من ذلك فهناك تعاطف بين القبط وأبناء العرب، لعله نتيجة ما يقاسونه جميعا من آلام، فضلا عما يتحلون به من صفات حسن المعاشرة وحب السلام والفطنة والذكاء، ولا يكاد يوجد بينهم وبين النازحين من الأوروبيين أي اختلاط، ولا يعرف عن عاداتهم المنزلية إلا القليل، شأنهم في ذلك شأن المسلمين، فالحجاب مضروب على نسائهم كما هو مضروب على نساء المسلمين ... وفي الريف لا تكاد تفترق عادات الأقباط عن عادات أبناء العرب ... وهم كالمسلمين يؤمنون بالخرافات الشائعة في البلاد، سواء أكانت تلك الخرافات راجعة إلى أصل إسلامي أم أصل مسيحي ... وإن التسامح يخطو خطوات واسعة، وإن الفوارق بين المسلمين والمسيحيين آخذة في الاختفاء تدريجيا.
1
وفي عام 1855 تم إلغاء الجزية المفروضة على الذميين في مصر، وبالتالي عن الأقباط. وفي عام 1857 تمت الموافقة على قبول تجنيد الأقباط في الخدمة العسكرية الوطنية، بعد أن أعفاهم من ذلك محمد علي باشا في السابق، وبذلك زال آخر وجه من أوجه التفريق بين الأقباط والمسلمين في مصر. وغير صحيح أن البطريرك كيرلس الرابع عارض تجنيد الأقباط كما جاء في بعض الكتابات! فعندما أشيع عنه ذلك قال صراحة، وبروح الوطني المتحمس لمصريته: «قول البعض إني طلبت إلى الباشا أن يعفي أولادنا القبط من الخدمة العسكرية، فحاشا لله أن أكون جبانا بهذا المقدار، لا أعرف للوطن قيمة، أو أفتري على أعز أبناء الوطن بتجردهم من محبة أوطانهم، وعدم الميل لخدمته حق الخدمة والمدافعة عنه، فليس هذا ما طلبت ولا ما أطلبه.»
2
Bog aan la aqoon