Maghul al-unwan fi latif al-kalam
مجهول العنوان في لطيف الكلام
Noocyada
دليل آخر
قد ثبت أن القادر على المجاورة قادر على التفريق، والقادر على التأليف قادر على ما عمل التأليف، وثبت أن القادر لنفسه أحق من القادر بقدرة لهذه القضية. وقد ثبت أنه لا يصح أن يكون عن إيقاعه لما يقدر عليه من ذلك مانع أو ما يجري مجرى
المانع. وقد ثبت أن بطلان التأليف وخروج الأجزاء من أن تكون متجاورة لا يقتضي بطلان الجوهر. وقد ثبت أن القسمة لا تصح إلا في المتجاور ولا بد مع ذلك من صحة ما قلناه، لأنه تعالى إذا صح أنه كما جمع الجسم، فيصح أن يفرقه حتى لا يبقى شيء منه مجتمع وما بطل عنه الاجتماع لا يعدم. فلا بد من أن تكون أجزاء الاجتماع فيها وهي غير متجاورة. والقسمة إنما تصح في المجتمع المجاور، فإذا يجب أن لا تصح القسمة فيها. وإنما قلنا أن القادر على المجاورة يقدر على المفارقة، لأن المفارقة التي هي الكون في جهة أخرى غير جهة المجاورة ضد لتلك المجاورة. والقادر على الشيء يجب كونه قادرا على جنس ضده. والمفارقة التي هي الكون الذي قلنا أن القادر يقدر عليه، فإنه لا
مجاورة إلا كان يصح أن تقع مفارقة يجب أن يصح من القادر أن يفعلها ولا يؤثر في صحة وقوعها كون جوهرا بالقرب من محله أو بالبعد. وإنما قلنا أن القادر على التأليف قادر على ما به يبطل التأليف وهو المفارقة، لأن القادر على التأليف قادر على المجاورة التي يولدها. والقادر على المجاورة قادر على المفارقة. وقد ثبت أن حكم القادر لنفسه لا يصح أن يفارق حكم القادر بقدرة في الوجه الذي ذكرناه، لأنه إنما يفارقه في كونه قادرا لنفسه وأنه قادر لا بقدرة لأمر يرجع إلى القدرة، لأن القدرة إنما وجب تعلقها بالكون في الجهتين لما امتنع أن يقدر القادر على الكون في محاذاة دون غيرها وأن يحرك يده في جهة دون جهة، وجري ذلك في الامتناع مجرى انقلاب الأجناس وفي قبح ما له صفة الظلم. فذلك وجه له
في القدرة هذا الاختصاص وهو كانقلابها وما يجري مجرى انقلابها. ولمثل هذا امتنع وجود قدرة لا يصح الفعل بها وامتنع وجود قدرة لا في محل، فكيف يمكن أن يقال أن ذلك يمتنع في القادر لما امتنع في القدرة أن تتعلق بإحديهما دون الأخرى، إذا صح أن الفصل الذي بين القادر بقدرة والقادر لا بقدرة لا يرجع إلى ما ذكرناه ولم يؤثر ذلك، بطل الفصل بينهما في هذه القضية. وقد تقرر في العقول أن مع صحة تحريك القادر منا ليده يمنة يصح تحريكها يسرة مع حال الموانع المعقولة قبل أن تخطر أحوال ما له يقدر القادر بالبال وقبل خطور سائر ما يفترق فيه القادرين بالبال، فذلك كامتناع كون الحي عالما وجاهلا بشيء واحد من وجه واحد على طريقة واحدة في وقت واحد وكونه مريدا للشيء وكارها له على الحد الذي ذكرناه
في العقول قبل أن يعلم بأنه يعلم العالم أو يجهل أو يريد أو يكره وقبل أن يعلم بسائر ما يفترق فيه العالمين المريدين. وما هذا حاله من الأمور فلا يدخله القسمة، لأن القضية إذا كانت مطلقة في العقل، فلم يمكن حصول ذلك الحكم في واحد أولى من حصوله في الآخر ولا حصوله على وجه أولى من حصوله على وجه آخر. وأكثر من يخطئ من مخالفينا إنما يخطئ بأن يقسم ما هذا حاله من القضايا المطلقة. وإذا كان الأمر على ما ذكرناه، فلا فصل بين القادر بقدرة وبين القادر لنفسه في أن كل واحد يجب أن يصح منه تحريك الجسم في جهة، إذا صح منه تحريكه في أخرى. ولو لم يكن إلا ما دللنا به في غير موضع على أنه تعالى قادر على سائر أجناس المقدورات، لكان ذلك كافيا في صحة إيجاد الكون في جهة والكون في جهة أخرى من جهته. وإذا قدر القادر على إيجاد
الكون، فيصح أن يوجده، كان جوهرا بالقرب منه أو كان جوهرا بالبعد منه، ولا شبهة في ذلك. فإذا قدر على التأليف، والتأليف يصح وقوعه متولدا، بل لا يصح إلا كذلك، فيجب أن يصح أن يفعله متولدا، وفي ذلك كونه قادرا على الأكوان التي هي المجاورات. فكيف يقال أن القادر على التأليف لا يقدر على المفارقة التي بها يبطل التأليف؟ وإنما قلنا أنه لا وجه يقال لأحد: إن ما يقدر عليه القادر من ذلك يمتنع إيقاعه، لأن ما يمكن أن يقال أنه وجه في ذلك أن فيه إبطال ما لا نهاية له. وإنما قلنا: إن بطلان التأليف لا يقتضي بطلان الجوهر، لأن إبطال التأليف يصح منا ولا يصح أن تبطل الجواهر. وكيف يمكن أن يقال بذلك مع أن الجوهر لا يحتاج في وجوده إلى التأليف ولا هو مضمن بالتأليف؟ وإنما قلنا أنه لا يحتاج في وجوده إلى التأليف، لأن
التأليف يحتا[ج في] وجوده إليه وإنما قلنا أنه غير مضمن بالتأليف، لأنه لا صفة ولا حكم لا يصح وجود الجوهر إلا وهو حاصل يؤثر التأليف فيه لأن ما يعقل من الصفات والأحكام قد ثبت أنه يحصل لأمور معقولة. ولا يحصل التأليف إلا صعوبة التفكيك. ولا يمكن أن يقال: الجوهر لا يصح وجوده إلا مع صعوبة التفكيك والشيء لا [يحتاج] فيما زاد على وجوده إلى أمر في حكم لا يؤثر ذلك الأمر في ذلك الحكم أو تلك [الص]فة. لهذا يحتاج الجوهر في كونه في جهة تخصيصه إلى الأكوان التي بها يكون في تلك الأماكن دون غيرها من الأكوان. ولا يمكن أن يقال أن صحة القسمة تحتاج إلى التأليف، لأن التأليف الذي يحل المحلين، لو لم يكن وكانت الأجزاء متجاورة، لصح التفريق والقسمة. ومتى ذكر المجاورات في الدلالة ولم يذكر التأليف، فلا يحتاج إلى شيء مما ذكرناه، لأنه
X
امتنع أن يتحرك في جهة وبعضه في جهة [أخرى]، فيصح الدور فيه والانقلاب.
Bog aan la aqoon