
قال: نعم، دونك. فلما ألقى منقاره أمسك الفخ بعنقه، فقال العصفور: بئ ما اخترت لنفسك من الغدر والخديعة والأخلاق الشنيعة .
ولم يشعر العصفور إلا وصاحب الفخ قد قبض عليه، فقال العصفور في نفسه: بحق قالت الحكماء: من تهور نذم، ومن حذر سلم، وكيف لى بالخلاص ولات حين مناص210.
ثم حدثته نفسه بالاحتيال، فربما نفع في مضيق الأحوال، فالتفت إلى الصياه وقال له : أيها الرجل، اسمغ منى كلماي أرجو أن ينفعك الله بها، ثم افعل بي ما تشاء. فعجب الصياد من كلام العصفور وقال له : قل .
فقال له العصفور: لا يشك عاقل أني لا أسمن ولا أغني من جوع، فإن كنت ترغب في الحكمة فاسمغ مني ثلاث حكم أنفع لك مني، وأطلقني، واحدة وأنا في يدك، والثانية وأنا على أصل هذه الشجرة، والثالثة إذا صرت في أعلاها .
فرغب الصياد في إطلاقه، وقال له: قل الأولى. فقال له: ما حييت فلا تندم على فائت. فأعجبة مقاله وأطلقه .
فلما صار في أسفل الشجرة قال: والثانية. ما عشت فلا تصدق بشيء لا يكون أنه يكون.
ثم طار إلى أعلى الشجرة، فقال له الصياد: هاب الشالثة، فقال العصفور: أيها الرجل، لم أر أشقى منك، ظفرت بغناك وغمنى أهلك وولدك، وذهب من يدلك في أيسر وقت. فقال له الصياد: وما ذاك؟ فقال العصفور: لو أنك ذبحتني لوجدت في حوصلتى جوهرتين من الياقوت، زنة كل واحدة منهما خمسون مثقالا.
فلما سمع الصياد مقالة العصفور اعتراهآ الأسف وعض على إصبعه وقال : خدعتنى أيها العصفور، لكن هات الثالثة.
Bogga 82