230

Cumda Fi Mahasin Shicr

العمدة في محاسن الشعر وآدابه

Tifaftire

محمد محيي الدين عبد الحميد

Daabacaha

دار الجيل

Daabacaad

الخامسة

Sanadka Daabacaadda

١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م

قال: ومنهم من يعيب ذلك المعنى، ويعده إسهابا، وآخره يعده نفاقًا.
قال: ومر غيلان بن خرشة الضبي مع عبد الله بن عامر بنهر أم عبد الله الذي يشق البصرة فقال عبد الله بن عامر: ما أصلح هذا النهر لأهل هذا المصر!! فقال غيلان: أجل والله أيها الأمير: يتعلم فيه العوم صبيانهم. ويكون لسقياهم، ومسيل مياههم، ويأتيهم بميرتهم.. قال: ثم مر غيلان يساير زياد على ذلك النهر وقد كان عادي ابن عامر. فقال له: ما أضر هذا النهر لأهل هذا المصر!! فقال غيلان: أجل والله أيها الأمير: تندى منه دورهم، ويغرق فيه صبيانهم، ومن أجله يكثر بعوضهم؛ فكره الناس من البيان مثل هذا، انقضى كلام عبد كريم.
والذي أراه أنا أن هذا النوع من البيان غير معيب بأنه نفاق؛ لأنه لم يجعل الباطل حقًا على الحقيقة، ولا الحق باطل، وإن ما وصف محاسن شيء مرة، ثم وصف مساويه مرة أخرى: كما فعل عمرو بن الأهتم بين يدي رسول الله ﷺ وقد سأله عن الزبرقان بن بدر، فأثنى خيرًا فقال: مانع بحوزته، مطاع في أنديته ويروى في أذينه فلم يرض الزبرقان بذلك، وقال: أما إنه قد علم أكثر مما قال، ولكن حسدني لشرفي وفي روايةٍ أخرى حسدني مكاني منك، يخاطب النبي ﷺ فأثنى عليه عمرو شرًا، وقال: أما لئن قال ما قال لقد علمته ضيق الصدر، زمر المروة، أحمق الأب، لئيم الخال، حديث الغنى، ثم قال: والله يا رسول الله ما كذبت عليه في الأولى، وقد صدقت في الآخرة، ولكن أرضاني فقلت بالرضا، وأسخطني فقلت بالسخط، فقال رسول الله عليه وسلم: إن من البيان لسحرًا قال أبو عبيد القاسم بن سلام: وكأن المعنى والله أعلم أنه يبلغ من بيانه أن يمدح الإنسان فيصدق فيه حتى يصرف

1 / 248