174

فسمعت الفندق قد ارتج بأهله وأنا أسمعهم -يقولون-: "هو ذاك، أبصروه، هذا إمام المسلمن مقبلا"، فبدر إلي صاحب الفندق مسرعا فقال لي: "أبا عبد الرحمن! هذا أبو عبد الله أحمد بن حنبل إمام المسلمين مقبلا إليك عائدا لك".

فدخل، فجلس عند رأسي، وقد احتشى البيت من أصحابه، فلم يسعهم، حتى صارت فرقة منهم في الدار وقوفا وأقلامهم بأيديهم، فما زادني على هذه الكلمات؛ فقال لي: "يا أبا عبد الرحمن أبشر بثواب الله، أيام الصحة لا سقم فيها، وأيام السقم لا صحة فيها، أعلاك الله إلى العافية، ومسح عنك بيمينه الشافية"، فرأيت الأقلام تكتب لفظه.

ثم خرج عني، فأتاني أهل الفندق يلطفون بي، ويخدمونني ديانة وحسبة، فواحد يأتي بفراش، وآخر بلحاف، وبأطايب من الأغذية، وكانوا في تمريضي أكثر من تمريض أهلي لو كنت بين أظهرهم، لعيادة الرجل الصالح.

وتوفي بقي بن مخلد سنة 276 بالأندلس -رحمه الله تعالى).

* واجتهد كثير من الحفاظ في لقيا المشايخ والتلقي عنهم، حتى بلغ عدد شيوخ الإمام أبي سعد عبد الكريم السمعاني المروزي سبعة آلاف شيخ وأستاذ، ولكثرة البلدان التي رحل إليها، ألف "معجم البلدان" التي سمع فيها، وصنف "معجم شيوخه" في عشر مجلدات.

وقال القاسم بن داود البغدادي: "كتبت عن ستة آلاف شيخ"، وبلغ عدة شيوخ الإمام الحافظ ابن عساكر -رحمه الله - ألفا وثلاث مائة شيخ، ومن النساء بضع وثمانون امرأة.

***

Bogga 177