167

والعمر بذاك ينقضي في تعب ... والراحة ماتت فعليها الرحمه فهو قد أضنى فؤاده علو همته في درك العلا، ونيل المرام، فشغل فكره باستنباط الأحكام الشرعية، وخدمة الدين والأمة، والتزود بالتقوى.

قال السبكي: "أما دأبه في الليل علما وعبادة فأمر عجاب، ربما استوعب الليل فطالع فيها المجلد أو المجلدين، وربما تلا آية واحدة فكررها إلى مطلع الفجر".

وقال الآدفوي: (حكى لي الشيخ زين الدين عمر الدمشقي المعروف بابن الكناني -رحمه الله تعالى-: قال: دخلت عليه بكرة يوم فناولني مجلدة، وقال: "هذه طالعتها في هذه الليلة التي مضت"، وقال الآدفوي أيضا: له قدرة على الطالعة، رأيت خزانة المدرسة النجيبة بقوص فيها كتب من جملتها "عيون الأدلة" لابن القصار في نحو ثلاثين مجلدا، وعليها علامات له، وكذلك رأيت كتب المدرسة السابقية، رأيت على "السنن الكبرى" للبيهقي له فيها في كل مجلدة علامة، وفيها "تاريخ الخطيب" كذلك، "ومعجم الطبراني" الكبير، والأوسط، وقال: وأخبرني شيخنا الفقيه سراج الدين الدنوري أنه لما ظهر "الشرح الكبير" للرافعي اشتراه بألف درهم، وصار يصلي الفرائض فقط، واشتغل بالمطالعة إلى أن أنهاه، وذكر عنده هو والغزالى في الفقه، فقال: "الرافعي في السماء"، ويقال إنه طالع كتب الفاضلية عن آخرها، وقال: "ما خرجت من باب من أبواب الفقه واحتجت أن أعود إليه".

Bogga 170