Critiquing the Foundations of the Rationalists
نقض أصول العقلانيين
Daabacaha
دار علوم السنة
Noocyada
وهذه القوة العاقلة فينا لا تستطيع أبدأ أن تصدر أحكامها على مغيبات لم يعرض أمامها شريط مسجل عنها، لأن كل حكم تحكم به إنما تقوله متأثرةً بواقع أشرطة الحواس التي جاءتها، وقد يختلف عالم الغيب عن عالم الحس كل الاختلاف فلا يمكن الحكم عليهما بالتشابه، والقاعدة الثابتة عند العلماء: (أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره) .
فعالم الغيب لا تستطيع عقولنا أن تحكم على شيء فيه بإثبات أو نفي استقلالًا ذاتيًا، إلا أن يأتيها خبر يشهد العقل بإمكان وجوده ويصدق ناقله، وعند ذلك تسلم بمضمونه تسليمًا تامًا دون مناقشة أو اعتراض» (١) .
٩-يقول الأستاذ محمد حسين «قد أثبتت العلوم الحديثة – وعلم الفلك خاصة- عجز العقل البشري الذي لا مفر منه إلا إلى الله ولا ملجأ إلا إليه ﷾ وأصبح تمسح المشككين والملاحدة بالعلم ضربًا من الجهل أو المكابرة» (٢) .
١٠-ويقول الشاطبي «إن الله جعل للعقول في إدراكها حدًا تنتهي إليه لا تتعداه. ولم يجعل لها سبيلًا إلى الإدراك في كل مطلوب. ولو كانت كذلك لاستوت مع الباري تعالى في إدراك جميع ما كان وما يكون وما لا يكون. إذ لو كان كيف كان يكون؟ فمعلومات الله لا تتناهى. ومعلومات العبد متناهية. والمتناهي لا يساوي ما لا يتناهى.
وقد دخل في هذه الكلية ذوات الأشياء جملة وتفصيلًا. وصفاتها وأحوالها وأفعالها وأحكامها جملة وتفصيلًا. فالشيء الواحد من جملة الأشياء يعلمه الباري تعالى على التمام والكمال، بحيث لا يعزب عن علمه مثقال ذرة لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أحواله ولا في أحكامه، بخلاف العبد فإن علمه بذلك الشيء قاصر ناقص سواء كان في تعقل ذاته أو صفاته أو أحواله أو أحكامه، وهو في الإنسان أمر مشاهد محسوس لا يرتاب فيه عاقل تُخرّجه التجربة إذا اعتبرها الإنسان في نفسه» (٣) .
_________
(١) العقيدة الإسلامية (١٩٥) .
(٢) الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر (٢/٢٩١) .
(٣) الاعتصام (٢/٣١٨) .
3 / 6