Correct Statement on the Issue of Traveling
صحيح المقال في مسألة شد الرحال
Daabacaha
الجامعة الإسلامية
Lambarka Daabacaadda
السنة الحادية عشرة-العدد الثالث
Sanadka Daabacaadda
ربيع الأول ١٣٩٩هـ/ ١٩٧٨م
Goobta Daabacaadda
المدينة المنورة
Noocyada
ثمَّ نقُول: إِن الْمَسَاجِد كَمَا يصدق عَلَيْهَا أَنَّهَا مَسَاجِد كَذَلِك يصدق عَلَيْهَا أَنَّهَا بقاع وَأَنَّهَا أَمَاكِن، والْحَدِيث لم يذكر فِيهِ الْمُسْتَثْنى؛ فَهُوَ مُبْهَم، والمبهم يَنْبَغِي أَن يقدر بأعم مدلولاته مَا لم يرد دَلِيل آخر يفسره؛ لِأَن الِاقْتِصَار على بعض المدلولات دون بَعْضهَا الآخر تحكم وَاتِّبَاع للهوى؛ فَمَا دَامَ أَن الْمُسْتَثْنى مِنْهُ حديثنا هَذَا يجوز أَن يكون الْمَسَاجِد فَقَط وَيجوز أَن يكون الْبِقَاع والأماكن جَمِيعًا - والشارع لم يخصص - فَيجب علينا وَالْحَالة هَذِه أَن نعتبر الْأَعَمّ الأشمل، ونجري الحَدِيث على ظَاهره، وَلَا يكون لنا تدخل فِي نُصُوص الشَّرْع بِمُجَرَّد أهوائنا؛ لِأَن أحدا منا لَو سُئِلَ فَقيل لَهُ: لم قصرت هَذَا الْعَام على بعض أَفْرَاده بِلَا دَلِيل؟ ... فَإِنَّهُ لَا جَوَاب لَدَيْهِ يخرج بِهِ من طائلة العتاب، أما لَو سُئِلَ فَقيل لَهُ: جعلت هَذَا الْعَام على التَّخْصِيص، وَمن ثمَّ لَا يتَوَجَّه إِلَيْهِ عتاب.
إِذا فالتوجيه للْحَدِيث كَمَا يَلِي:
لَا تشد الرّحال لمَكَان فِي الأَرْض أَو بقْعَة من الْبِقَاع طَاعَة لله أَو لأَدَاء عبَادَة يَبْتَغِي بهَا وَجه الله إِلَّا الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة؛ لما لَهَا من الْفضل على سَائِر الْبِقَاع..
أما الْأَسْفَار الدُّنْيَوِيَّة كَالَّذي لتِجَارَة، آو زِيَارَة قريب أَو صديق، أَو لسياحة؛ فَلَا مدْخل لَهَا هُنَا؛ لِأَنَّهَا لَيست مِمَّا يمارسه العَبْد لله بنية أَنه مَشْرُوع يُثَاب عَلَيْهِ، بل هِيَ من الْأُمُور العادية الْمُبَاحَة؛ فإدخالها فِي مَوْضُوع شدّ الرّحال واتخاذها وَسِيلَة لتأويل الحَدِيث وَصَرفه عَن ظَاهره - موهما من فعل ذَلِك أَن إِجْرَاء الحَدِيث على ظَاهره يُفْضِي إِلَى منع شدّ الرّحال لهَذِهِ الْأُمُور العادية الدُّنْيَوِيَّة - فَهَذَا غير صَحِيح، بل خلط بَين أُمُور الدُّنْيَا وَأُمُور الدّين.
ثمَّ إِن هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ فِي معنى الحَدِيث هُوَ الَّذِي فهمه مِنْهُ أَصْحَاب رَسُول الله ﷺ وَرَضي عَنْهُم، وهم الَّذين سَمِعُوهُ مُبَاشرَة من مصدره الْأَصْلِيّ.
وبرهان ذَلِك كَمَا يَلِي: قَالَ أَبُو يعلى فِي مُسْنده:
١- حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمنْهَال حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع ... وسَاق الْإِسْنَاد إِلَى سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري قَالَ: لَقِي أَبُو بصرة جميل بن بصرة أَبَا هُرَيْرَة ﵄ وَهُوَ مقبل من الطّور، فَقَالَ: لَو لقيتك قبل أَن تَأتيه لم تأته، إِنِّي سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول: " إِنَّمَا تضرب أكباد الْمطِي إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: الْمَسْجِد الْحَرَام، ومسجدي هَذَا، وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى".
٢- وَعَن قزعة قَالَ: سَأَلت عبد الله بن عمر: آتِي الطّور؟ قَالَ: دع الطّور لَا تأته، ثمَّ قَالَ: "لَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد". رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة والأزرقي فِي أَخْبَار مَكَّة، وَإِسْنَاده صَحِيح.
انْظُر تخذير الساجد للألباني ص١٣٩.
أما السّفر لطلب الْعلم ولزيارة الْوَالِدين وَالصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاء الْأَحْيَاء؛ فَلَيْسَ المُرَاد من مثل ذَلِك السّفر
1 / 205