Copernicus, Darwin, iyo Freud: Kacaankii Taariikhda iyo Falsafadda Sayniska
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
Noocyada
وتتكون المرحلة الثانية من أساليب وتقنيات جديدة. رأينا أن كوبرنيكوس لم يقدم تقنيات جديدة؛ ومن ثم فإنه يخفق في الوفاء بهذا المعيار الثاني. وفي هذا الصدد قدم كبلر ونيوتن أعظم التحسينات. وكذلك قدم داروين أيضا طريقة جديدة: الاستدلالات الداروينية؛ فكما سنرى، يتضمن مبدأ الانتقاء الطبيعي الذي قدمه بنية جبرية جديدة. أما المرحلة الثالثة فسماها كوهين «النشر». وفي هذه المرحلة تحدث الثورة على الورق. فتجد صدى في الساحة العامة. بعبارة حديثة، يمكننا أن نقول إن العمل يجد ناشرا. ثمة بعض تواريخ النشر الشهيرة في العلم التي توضح هذه المرحلة، منها كتاب كوبرنيكوس «عن دورات الأجرام السماوية» (1543)، وكتاب داروين «أصل الأنواع» (1859)، ونظرية النسبية الخاصة لأينشتاين (1905). تقدم هذه المنشورات الأفكار الثورية للفحص العام. وتتكون المرحلة الرابعة من اعتناق المجتمع العلمي للأفكار الجديدة. وهذه ليست مسألة تحول فوري. عادة ما تجد الأفكار الجديدة بعض الأنصار لكنها تواجه أيضا شكوكا ومعارضة، وفي مثل هذه الحالة تحدث مناقشات حادة، وليس من الضروري أن تشبه الصدام المؤسف بين جاليليو وعالم الرياضيات والفيلسوف. غالبا ما تعتمد محاولات الإقناع على الحجج. في كتابه «النبذة الوصفية الأولى» (1540) يحاول ريتيكوس إقناع معاصريه برجحان النظام الكوبرنيكي. في بداية القرن السابع عشر كتب كبلر أول مرجع لعلم الفلك. يمثل كتاب «خلاصة الفلك الكوبرنيكي» (1618-1621) حجة طويلة تدعم نظاما كوبرنيكيا معدلا. رأى داروين كتابه «أصل الأنواع» على أنه «حجة طويلة» تدعم التفسيرات التطورية. لو لم يحدث أي تحول فوري، فإن النظريات العلمية الأكثر نجاحا تحظى بتقارب في آراء الخبراء. وبعد فترة يصبح معظم ممارسي المجال العلمي مقتنعين بصحة النظرية الجديدة. ووفقا للأدلة المجموعة في هذا الفصل والفصلين اللاحقين، فالأمر عبارة عن مسألة إقناع بالحجج. وبالنسبة للأدلة، كما رأينا، فإنها تتلاقى أيضا في نموذج واحد أو نظرية واحدة. وإضافة إلى ذلك، فالأدلة ذاتها التي تزيد من مصداقية نظرية ما تبدأ في نزع مصداقية النظريات المنافسة.
يرى نموذج كوهين ذو المراحل الأربع الثورات العلمية كعمليات ممتدة زمنيا؛ فهي انتقالات وليست تحولات مفاجئة. تشير المرحلتان الأوليان - الابتكار المفاهيمي والتقنيات الجديدة - إلى جانب مهم من الثورات العلمية، وهو قدرات حل المشكلات الخاصة بالنماذج الجديدة. وجرى التأكيد على هذا الجانب بالفعل في نموذج كون الإرشادي، كما أنه يصبح بؤرة تركيز نموذج تسلسل الاستدلال . (ج) «نموذج تسلسل الاستدلال»: يعاني نموذج كون من عيبين عند النظر إليه في ضوء الكوبرنيكية (والداروينية)؛ فمن خلال أطروحة اللاقياسية، يؤكد ذلك النموذج على الانقطاع الهدام بين النماذج المتعاقبة. وغالبا ما يصور وجود انقطاع في التواصل بين العلماء، كما عرض بسخرية في مسرحية بريشت، بينما يكون واقع الثورات العلمية في كثير من الأحيان أكثر تعقيدا. ربما يرضي نموذج كوهين مؤرخ العلم لكنه لا يؤكد بما فيه الكفاية على الاستمرارية المفاهيمية بين الثورات المتعاقبة. تظهر الثورات المتعاقبة طبيعة انتقالية يمكن أن تكون أكثر دقة. لنتحدث عن «النظريات»، بدلا من النماذج الإرشادية، لتوضيح الشبكات المفاهيمية في تاريخ العلم. يمكن لعناصر كل منها أن تتغير على نحو «متفرق». وهذا يعني، كما هو جلي في تاريخ الكوبرنيكية، أن نظرية مركز الأرض لم تسقط مرة واحدة. بدلا من ذلك، سبق التخلي عن نظرية أرسطو للحركة إعادة ترتيب كوبرنيكوس أماكن الكواكب. ولم يحدث التخلي عن فكرة الحركة الدائرية إلا في وقت لاحق. هذه الجراحة التفريقية تعني أننا يمكن أن نبحث عن تحولات مسببة بين المكونات المفاهيمية للشبكة (شيبر 1964؛ 1966؛ 1989؛ تشن/باركر 2000)؛ فنحن نستطيع تتبع تاريخ مفهوم المدارات الدائرية - مثلا - من الإغريق إلى ما بعد علم الفلك الكوبرنيكي، وسنجد أنها تركت ونتساءل عن سبب حدوث هذا. أو يمكننا دراسة دور نظريات الحركة في تاريخ النماذج الفلكية. أحل منظرو المدرسة الباريسية نظرية الزخم محل نظرية أرسطو للحركة؛ لأنهم وجدوا أن نظرية الزخم تقدم تفسيرا أفضل للحركة. وساعدت نظرية الزخم النموذج الكوبرنيكي على طول الطريق، ولكن لم يطور مفهوم الزخم إلا في منتصف القرن السابع عشر (دريك 1975؛ وولف 1978، دكسترهوز 1956). وهذه أمثلة على التحولات المسببة، وهي تحولات مسببة لأنها تنشأ عن مواقف إشكالية تقيم فيها الحلول المقترحة من خلال سلاسل وحجج منطقية. في تاريخ النماذج الفلكية يمكننا تتبع تاريخ الافتراضات التأسيسية، ويحكم عليها وفق قدرتها على تقديم حلول لمشكلة حركة الكواكب. تؤدي التحولات إلى إعادة تنظيم جزء على الأقل من المخطط المفاهيمي. وتمثل التحولات جزءا من محاولات حل المشكلة، وتخلف هذه المحاولات خطوط ارتباط يمكن تتبعها بين النماذج الفلكية؛ فهناك «عمليات حذف»: كما حدث مع نظرية أرسطو للحركة، و«عمليات تعديل»: كما في التخلي عن الدائرة لصالح القطع الناقص، و«عمليات إبدال»: مثل إحلال التحليل الرياضي محل الأساليب الهندسية. يمكننا تتبع خطوط الحجج عبر تطور النظريات المفاهيمية ومكوناتها: مثل تطور نظريات «الحركة» وترتيب «الكواكب» من نظرية مركزية الأرض إلى نظرية مركزية الشمس. ونستطيع أن نقيم هذه العمليات في السلاسل المنطقية. توضح تحولات تسلسل الاستدلال التحولات البطيئة للشبكات المفاهيمية والنظريات من خلال أهمية الحجج والأدلة. وبدمج هذه الأفكار، نصل إلى نموذج تحليلي ذي أربع مراحل للثورة العلمية على شكل سلسلة من الأحداث المتتالية: (1)
تحول أو تغير في المنظور، ينطوي غالبا على تشكيك في الافتراضات القائمة. (2)
تقديم أساليب وتقنيات جديدة ذات قدرة على حل المشكلة. (3)
ظهور نظرية جديدة من خلال تحولات تسلسل الاستدلال التفريقية كنتيجة لنجاح النظرية الناشئة في حل المشكلة. (4)
تلاقي آراء الخبراء عند نظرية جديدة. وسنبين في الفصل الثاني أن هذا التلاقي لا يستبعد وجود نماذج بديلة في الوقت نفسه ضمن النظرية الجديدة.
لا يوجد ما يضمن أنه بمجرد أن يتخذ عنصر ما مكانا آمنا ضمن نظرية ما سيظل في موقعه دون أن يواجه تحديا من الحجج الإضافية. ومن المفارقات أن حل هذا المصير على المبدأ الكوبرنيكي نفسه. وإذا اتبعنا تسلسل الاستدلال المحدد هذا في نقاش معاصر، فسوف يؤدي بنا إلى التشكيك في المبدأ الكوبرنيكي؛ الذي يقضي بأننا لا نحتل مكانة متميزة في الكون. (8) المبدأ الإنساني: هل هو عكس التحول الكوبرنيكي؟
في إعادة صياغة لعبارة ديكارت أقول: «أنا أفكر، إذن، العالم موجود كما هو.» (كارتر، «المبدأ الإنساني» (1974)، 294)
يعتبر فرويد أن الكبرياء البشري عانى ضربات خطيرة من الكوبرنيكية والداروينية؛ ففي الواقع أزاحت الفرضية الكوبرنيكية البشر من العرش الوهمي للمركزية المادية في الكون. ويبدو أن داروين قد سلب البشر «تاج ذروة الخلق»، ولكن تغيير كوبرنيكوس للمنظور يوضح أيضا قوة العقل البشري. أوضح كوبرنيكوس وخلفاؤه أن المجال فوق القمري لم يكن خفيا عن الفهم البشري إلى الأبد؛ فكما أشار كبلر بإصرار، العقل البشري أكثر إدراكا من العين البشرية؛ فما يستطيع البشر رؤيته لا يمثل حدود ما يمكنهم فهمه. فبما أنه يبدو أننا الكائنات الذكية الوحيدة في منطقتنا الكونية المباشرة التي تمتد لعدة سنوات ضوئية في كل الاتجاهات، يمكن للإنسان على الأقل أن يدعي تمتعه بالمركزية العقلانية. يوضح التحول الكوبرنيكي أن المركزية العقلانية لا تعتمد على المركزية المادية. بمجرد أن فهم هذا الأمر، استطاع العلم الحديث الانطلاق؛ فالبشر لن يكونوا قادرين على ترك النظام الشمسي في المستقبل المنظور. ولن يستطيعوا حتى زيارة جميع أجزاء النظام الشمسي. مع ذلك، يعرف علماء الكونيات من التحليل العلمي أكثر بكثير مما قد يتعلمونه من مشاهدة أجزاء الكون. لقد رسم علماء الكونيات بنية النظام الشمسي ومجرة درب التبانة والكون إلى حد لا يمكن مضاهاته من خلال المشاهدات المجردة.
بالنسبة لبعض علماء الكونيات، هذه المركزية العقلانية ليست كافية. فاقترحوا «مبدأ إنسانيا»، يسعى إلى إعادة بعض الكبرياء قبل الكوبرنيكي إلى الجنس البشري. يسعى المبدأ الإنساني إلى عكس التحول الكوبرنيكي؛ فهو يستنبط من وجود الحياة الذكية على الأرض وجود ظروف مادية خاصة تجعل وجود الحياة الذكية ممكنا. ربما لا يكون موقعنا في الكون مركزيا، ولكنه متميز (كارتر 1974، 291). في الواقع ثمة نسختان من المبدأ الإنساني: «المبدأ الإنساني القوي»: «يجب أن يمتلك الكون الخصائص التي تسمح للحياة بالتطور داخله في مرحلة ما من تاريخه.» (بارو/تبلر 1986، 21؛ كارتر 1974، 294)
Bog aan la aqoon