140

Copernicus, Darwin, iyo Freud: Kacaankii Taariikhda iyo Falsafadda Sayniska

كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم

Noocyada

ثمة معيار مفيد لتحديد هل كان النموذجان بديلين أم متنافسين، وهو يكمن في درجة التغيير المسموح به. يمكن تعديل النظام اللاماركي والنماذج الكوبرنيكية. وما عدل في كلتا الحالتين كان البنية الجبرية: من الوراثة فوق الجينية إلى الانتقاء الطبيعي، ومن المدارات الدائرية إلى الإهليجية. في حالة النماذج الكوبرنيكية، لم يؤثر هذا التغيير على البنية الطوبولوجية الشمسية المركز، ولكنه كان يعني تحويل الدائرة من أداة ميتافيزيقية إلى أداة رياضية. وفي حالة النماذج اللاماركية، أدى التغيير في البنية الجبرية إلى تغيير في البنية الطوبولوجية، من التطور الخطي إلى التطور التفرعي، ولكن لا يمكن تعديل نماذج التصميم ومركزية الأرض بهذه الطريقة؛ فكلتا بنيتيها الطوبولوجية والجبرية تتعارضان مع تبني الانتقاء الطبيعي والمدارات الإهليجية على الترتيب، رغم الأدلة المتاحة.

عندما نفكر في فضاء الاحتمال، يجبرنا المنطق على اعتباره لا ينضب؛ فيمكننا دائما إجراء تغييرات على النماذج الحالية لإنشاء نماذج محتملة جديدة. عمليا، يعمل العلم دائما مع مجموعة محدودة من النماذج المتاحة. وعندما ننخرط في استقراء إقصائي، فإننا نستخدم البيانات التجريبية، والنتائج الفيزيائية الرياضية، والفرضيات الميتافيزيقية، والمعتقدات المنهجية كقيود لتوجيه اختيارنا. لقد رأينا كيف يضع استدلال التصميم أو نماذج التطور أمامنا خيارا فلسفيا؛ وهو أن نضع ثقتنا في نظرية التطور أو نماذج التصميم. ويعني وضع الثقة في نظرية التطور اعتناق مذهب الطبيعانية. ويشمل هذا التعبير عن الثقة والأمل في أن تحل المشكلات المعلقة في المستقبل. وتعني الثقة في نماذج التصميم إعلان أن الانتقاء الطبيعي غير قادر على تفسير التعقيد وعدم احتمالية البنى. الأمل هو أن استدلال التصميم من النظام سوف ينال الاحترام على المستوى العلمي. وبينما نستبعد نموذجا واحدا لصالح نموذج منافس له - لنفترض أننا نستبعد سلسلة الوجود الكبرى لصالح التحدر مع التعديل - فإننا نستبعد فئة كاملة من النماذج المنافسة، مثلا كل تلك النماذج التي تفترض ثبات الأنواع. إننا نستبعد فئة، وليس نماذج فردية منافسة وحسب؛ لأن جميع النماذج في هذه الفئة (المحتملة والفعلية) تخالف القيود الموضوعة. وهذا يترك لنا فئة من النماذج البديلة، ولكنها ليست مهددة على نحو خاص؛ لأنها تتشارك في عدد كبير من القيود. وفي كثير من الأحيان يمكن فرزها وفق مقياس من المعقولية مع اكتشاف أدلة جديدة. (4)

تمثل «الملاءمة» إحدى المشكلات المقلقة. غالبا ما يوافق الفلاسفة على أن التنبؤات الجديدة تشكل أنقى أنواع الاختبارات التي يمكن أن تتعرض لها النماذج التفسيرية. وكثيرا ما ينظر للملاءمة بعين الشك. يخشى أن تبنى النماذج مع وضع الحقائق المعروفة في الاعتبار، مما يعرضها إلى نقيصة الظرفية (سيلوس 1999، الفصل الخامس؛ هوسون/وورباخ 1993، 147-160). على سبيل المثال، عندما واجه داروين حجة الرابط المفقود، أجاب بادعاء أن السجل الحفري كان فقيرا جدا. في عصر داروين كان هذا الدفاع ملائما لهذا الوقت وحسب، وقد حمى نموذج داروين من الاعتراضات الخطيرة. لحسن حظ داروين، تحسن السجل الحفري، وأزال حجة الرابط المفقود، ومع ذلك، فإن ملاءمة النماذج مع الأدلة الموجودة والمعروفة دائما ما يسبب مشكلات خاصة، كما سيوضح تحليلنا للفرويدية لاحقا. ومع هذا، ثمة أمثلة مشهورة للملاءمة في تاريخ العلم. كان تقدم الحضيض الشمسي لعطارد معروفا بالنسبة للفيزياء الكلاسيكية ولكن لا يمكن تفسيره في النموذج النيوتوني. الحضيض الشمسي هو أقرب نقطة في مدار الكوكب إلى الشمس. في حالة عطارد، تتقدم هذه النقطة على مدى فترة من الزمن؛ فبدلا من عودة الحضيض دائما إلى نفس النقطة بعد المدار السنوي، يشكل مدار عطارد نمطا يشبه الوردة. تمكن أينشتاين من استيعاب هذه المشكلة داخل نظريته النسبية العامة (1916). وعندما بنى نيلز بور نموذجه الشهير لذرة الهيدروجين (1913)، بناه بحيث يتلاءم مع العديد من الظواهر الذرية المعروفة في ذلك الوقت: تجارب التشتت، وتمايز الأطياف الذرية. لم يقدم كوبرنيكوس تنبؤا واحدا جديدا، ولا داروين . كان عملهما هو تحقيق التوافق مع عدد ضخم من المشاهدات؛ فوفرا إطارا متسقا تكون فيه المشاهدات منطقية. ومثل هذه الحالات من الملاءمة لا تسبب المشكلات لسببين: (1) في جميع هذه الحالات قدمت النماذج الجديدة على خلفية النظريات المنافسة. فإذا كان النموذج يفسر حقيقة معروفة، تهدد اتساق نموذج منافس، فإن الملاءمة لا تشكل خطرا جسيما. لقد واجهنا عدة أمثلة؛ فالكوبرنيكية تفسر على نحو طبيعي الحركة القهقرية، التي أجبرت مركزية الأرض على تبني حل غير طبيعي. والداروينية تفسر بأناقة تنوع الأنواع، الذي أجبر حجج التصميم على تبني العديد من أعمال الخلق. (2) كان لهذه النظريات نتائج قابلة للاختبار، حتى لو كانت تعاني قصورا في التنبؤات الجديدة. بمجرد أن توفر النظرية إطارا متسقا للحقائق المعروفة، تتبعها النتائج الاستنتاجية والاستقرائية. إنها لا تمتلك تأثير التنبؤات الجديدة، ولكنها، رغم ذلك، ربما تعزز الدعم التجريبي للنظرية. تستطيع الكوبرنيكية تفسير تعاقب فصول السنة، كنتيجة استنتاجية لبنيتها. وينتج تفسير عصور الإنسان القديمة على نحو طبيعي من التحدر مع التعديل.

ميزنا بين أربع سمات أساسية للاستقراء الإقصائي. كان النموذج الكوبرنيكي والدارويني جيدا للغاية في هذا الصدد. وتستطيع النظرية الكوبرنيكية، من بين أمور أخرى، تقديم تقدير دقيق للترتيب النسبي للكواكب من الشمس. ويمكن للنظرية الداروينية، من بين أمور أخرى، تفسير تكيف الأنواع مع بيئاتها المحلية. هذه النتائج الاستنتاجية والاستقرائية تعزز التوحيد، وينبغي اعتبارها دليلا داعما. استكشف كوبرنيكوس وداروين كلاهما النماذج المنافسة لنموذجيهما، لكنهما رأيا أن فضاء الاحتمالات استنفده المنافسون. سعى كوبرنيكوس إلى دحض مركزية الأرض، وكان داروين مشغولا في الغالب باستكشاف نقاط ضعف نظرية الخلق المنفصل. بالنظر إلى السمات الجبرية والطوبولوجية لمركزية الشمس ومركزية الأرض، من السهل تماما التمييز بين النماذج المنافسة والنماذج البديلة. وبالنظر إلى العملية الجبرية للانتقاء الطبيعي في الداروينية، مقابل الانتقاء الإلهي في اللاهوت الطبيعي، من السهل مرة أخرى التمييز بين المنافسين والبدائل . واقترحنا، كمعيار، درجة التغيير المقبول في نموذج ما في ضوء الأدلة. لقد كان الكوبرنيكيون والداروينيون منشغلين بملاءمة الحقائق المعروفة على نحو أكبر بكثير من انشغالهم بتقديم تنبؤات جديدة. (6-5) قابلية الدحض أم قابلية الاختبار؟

قبل بوبر تماما انتقاد هيوم للاستقراء البسيط؛ الاستقراء بالإحصاء. لا يوجد دليل منطقي على أنه يحق لنا أن نستنتج من رصد بعض حالات «ص» العبارة العامة «جميع ص» كما أنه لا يوجد دليل تجريبي. ولا يمكننا أن نستنتج من نجاح ممارساتنا الاستقرائية في الماضي نجاحها في المستقبل؛ لأن هذا يفترض مسبقا نفس مبدأ الاستقراء، الذي نهدف إلى إثباته. وخلص بوبر من هذه الحالة إلى أنه من المستحيل إثبات حقيقة نظرية علمية عامة على أساس عدد محدود من المشاهدات. فلا يمكن استخلاص النظريات العامة في العلم من خلال الاستدلال الاستقرائي. قلب بوبر هذه الحالة. فلا يمكننا التحقق من حقيقة نظرية عامة عن طريق المشاهدات أو التجربة، ولكن يمكننا أن نظهر على الأقل أن نظرية ما خاطئة. فإذا طرحت نظرية عامة في صورة قد تتناقض مع بعض المشاهدات، التي استخلصت منها، فإننا عندئذ لدينا سبب للاعتقاد بأن النظرية خاطئة. هذا هو الاختلاف بين الإثبات والدحض. فلا يمكن إثبات النظرية العلمية ولكن يمكن دحضها؛ فالنظرية تدحض عندما تتعارض إحدى نتائجها الاستنتاجية مع اكتشافاتنا التجريبية بشأن العالم (بوبر 1959؛ 1963؛ 1973). يعد قانون كبلر الأول للمدارات الكوكبية الإهليجية اكتشافا يدحض فرضية المدارات الدائرية في نظرية مركزية الأرض ونظرية مركزية الشمس الكوبرنيكية. وفي الوقت نفسه يشكل رفضا لمركزية الأرض وتعديلا لمركزية الشمس؛ لأن المدارات الإهليجية تضع الشمس كنقطة محورية. وتتناقض اكتشافات الحفريات في القرن التاسع عشر مع ثبات الأنواع في النظريات غير التطورية. وفي الوقت نفسه تمثل رفضا ل «سلسلة الوجود الكبرى» وتعديلا للنظريات التطورية السابقة لأنها ظلت ملتزمة بالغائية.

ادعى بوبر أنه استبعد الممارسات الاستقرائية في العلم نهائيا، وقد خلق تأثير بوبر الشديد على فلسفة العلوم في القرن العشرين انطباعا بأن الممارسات الاستقرائية أحداث غير مهمة في تاريخ العلم، في حين أن الممارسات الاستدلالية هي القاعدة. كان بوبر معجبا للغاية بالنظرية النسبية لأينشتاين؛ فقد كانت تخمينا جيدا مبتكرا بحرية أدى إلى ثلاثة تنبؤات دقيقة قابلة للاختبار (تقدم الحضيض الشمسي لعطارد ، وانزياح الضوء نحو الأحمر في مجالات الجاذبية، وانحناء الضوء بالقرب من الأجسام الجاذبة)، ولكن دراستنا للكوبرنيكية والداروينية أقنعتنا بأن الممارسات الاستقرائية منتشرة في العلوم، ولكنها تتخذ صورة الاستقراء الإقصائي بدلا من الاستقراء بالإحصاء. ورد الفيزيائي ستيفن واينبرج على هيمنة الدحض بطريقته الخاصة؛ فلم يجد حالة واحدة من الدحض «خلال المائة سنة الماضية» (واينبرج 1993، 102). وإنصافا لبوبر، ينبغي أن نتذكر أنه يتطلب قابلية دحض النظريات وليس دحضها الفعلي.

هل يجب أن نقرأ معيار بوبر بأنه قابلية للدحض أم قابلية للاختبار؟ فإذا أخذنا كلام بوبر حرفيا للغاية - فالإصرار على أن النظريات تكون علمية فقط إذا كانت قابلة للدحض - فسيقودنا هذا إلى استنتاجات غير متناسقة. فلا يمكن دحض العبارات العلمية المحترمة تماما بشأن استحالة وجود آلات دائمة الحركة. ولا يمكن دحض الأبحاث الكونية عن وجود المادة المظلمة. يستبعد معيار القابلية للدحض البحث بشأن الوجود الإيجابي لبعض الكيانات أو القوى، كما يجعل النظريات التي يعتبرها تاريخ العلوم علمية غير علمية. أراد علم الفلك البطلمي إنقاذ الظواهر من خلال البنى الهندسية الرائعة. ولم يكن يوجد التزام بحقيقة الأدوات الهندسية، ولا تنبؤات جديدة. فشل علم الفلك البطلمي كنظرية علمية وفق بوبر، ومع ذلك، فإنه يصنف كمنافس جاد ضمن نماذج الفلك الإغريقية؛ فقد تنبأ بالظواهر المعروفة ونظمها، ولم يصبح قابلا للاختبار إلا على المدى الطويل. ما رأينا في نظريات مثل التنجيم والتحليل النفسي الفرويدي، التي يمكن أن تكون لها نتائج قابلة للدحض؟ إذا كان التنجيم ونظرية فرويد قابلين للدحض من حيث المبدأ، من خلال تقديم تنبؤات يثبت خطؤها، هل يجب أن نعتبرهما علميين؟ وماذا نفعل بشأن النظريات المعتمدة على النماذج، مثل ميكانيكا نيوتن، التي تواجه شذوذا، مثل تقدم الحضيض الشمسي لعطارد؟ وقع تقدم الحضيض الشمسي لعطارد ضمن مجال نظرية نيوتن، ولكن لم يكن من الممكن تفسيره، ولم ترفض نظرية نيوتن بسبب هذا الفشل.

يفرض بوبر بعض القيود الصارمة على النظريات الجديدة التي تحل محل النظريات القديمة. يجب أن تقدم النظرية الجديدة تأكيدات أكثر دقة من النظرية القديمة؛ فيجب أن تفسر حقائق أكثر من النظرية القديمة ويجب أن تفسرها بمزيد من التفصيل، كما يجب أن تتخطى النظرية الجديدة الاختبارات التي فشلت فيها النظرية القديمة، ويجب أن تتخطى اختبارات جديدة، وكذلك يجب أن توحد النظرية الجديدة أيضا الظواهر غير المرتبطة بعضها ببعض حتى لحظة تقديمها (بوبر 1963، الفصل العاشر). وبوجه خاص، يجب أن تحدد النظرية العوامل التي تقيم العلاقات بينها. ويجب أن تكون العوامل والعلاقات قابلة للقياس الكمي. وكما رأينا، فإن هذه العلاقات القابلة للقياس الكمي بين العوامل غالبا ما تشكل أساس قوانين العلم. يتعذر على علم التنجيم الوفاء بهذا الشرط؛ إذ يمكن تحديد مواضع النجوم في السماء بدقة عددية، ولكن لا ينطبق الأمر نفسه على صفات الشخصية. ويجعل هذا الإخلال من الصعب قياس أي ارتباط مفترض بين صفات الشخصية ومواضع النجوم.

يمكننا تلخيص هذا المعيار تحت مسمى «قابلية الاختبار». يمكننا طرح قابلية الاختبار كوسيلة للإقصاء أو كنشاط «مقارن» (انظر صوبر 1999) فرغم كل شيء، تستند معايير بوبر على مقارنة بين النظرية القديمة والنظرية الجديدة. تحدث أسهل حالة عندما تقدم النظرية القديمة التنبؤ الأول وتقدم النظرية الجديدة تنبؤا ثانيا مختلفا. وفق نظام بوبر، إذا لم يحدث التنبؤ الثاني، تعتبر النظرية الجديدة مدحضة، وتؤكد النظرية القديمة لو رصد التنبؤ الأول، لكن ماذا يحدث لو قدمت النظرية القديمة والنظرية الجديدة التنبؤ نفسه - مثلا تنبؤ يتعلق بحركة المريخ - وكانت النظرية القديمة والنظرية الجديدة تستندان إلى مبادئ مختلفة على الترتيب؟ وفقا للاستقراء الإقصائي، تعتبر هذه التأكيدات إيجابية ولكن ليست دليلا داعما؛ فعلينا انتظار دليل داعم يميز بين النظريتين. إن نموذج بوبر التطوري للنمو المنطقي للمعرفة العلمية يملأ فضاء الاحتمالات بعدد من التفسيرات البديلة والمتنافسة؛ إذ يسمح بتنافس عدد من الحلول المؤقتة المعنية بمشكلة معينة، حتى تقصي عملية إزالة الأخطاء بعض الحلول المؤقتة، وتترك عددا من الحلول المؤقتة الأكثر تعقيدا التي تعالج في هذه اللحظة مشكلة أكثر دقة. في نقده لقابلية الدحض، أكد كون أيضا على الحاجة إلى عدد من النظريات المنافسة يختار بينها وفقا لمعايير معينة (هوينينج-هين 1993). وتخبرنا طريقة الاستقراء الإقصائي عن النماذج التي ينبغي أن نعتبرها الأفضل من حيث القوة التفسيرية وفي ضوء الأدلة المتاحة. فنتوقع أن النموذج الباقي لن يصف الظاهرة وحسب، ولكن يفسرها أيضا. وينبغي أن يسمح لنا باستخلاص ظواهر جديدة أو ملاءمة حقائق معروفة. وبمجرد أن تختار طريقة الاستقراء الإقصائي نموذجا كأفضل مرشح للتعامل مع الأدلة المتاحة، يطرح هذا السؤال: كيف يفسر النموذج الدليل؟ ما التفسير العلمي؟ يمكننا الإجابة على هذا السؤال بأفضل طريقة من خلال دراسة بعض نماذج التفسير. (6-6) التفسير والتنبؤ

تفسر الظاهرة عندما يتبين أنها إحدى حالات قانون عام للطبيعة (...). (هكسلي، «أصل الأنواع» (1860)، 57)

Bog aan la aqoon