رأسه المغفر، وأقعد الرماة على فم الشِعب، وخندق حول المدينة، وأَذِن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة، وهاجر هو، وتعاطى أسباب الأكل والشرب وادخر لأهله قوتهم ولم ينتظر أن ينزل عليه من السماء، وهو كان أحق الخلق أن يحصل له ذلك، وقال للذي سأله أيعقل ناقته أو يتوكل: «اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ» (١) فأشار إلى أنّ الاحتراز لا يدفع التوكل» (٢).
الدليل الثاني: قوله ﷺ: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ»، قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَلَا يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» (٣).
وجه الاستدلال: أنّه ﷺ ذكر أنَّ مِنْ وَصْف هؤلاء الذين يدخلون الجنة بغير حساب أنهم لا يسترقون، ولا يتطيرون، ولا يكتوون، فدل هذا على أنّ ترك التداوي هو الأقرب إلى التوكل وهو المطلوب.
المناقشة: نوقش هذا الاستدلال بأن الحديث ليس فيه ذكر التداوي، وإنما فيه وصف للذين يدخلون الجنة بغير حساب (٤).