المطلب الأول: علاقة الفقه بالطب، ومكانة الطب في الشريعة الإسلامية:
بدأت العلاقة بين الفقه والطب مبكرة جدًا، فمنذ ظهور التشريع الإسلامي ظهرت العلاقة بين الفقه والطب، فقد طهّر النبي ﷺ الطب من الخرافة والشعوذة والتنجيم والتمائم التي استخدمت قبل الإسلام بين العرب وغيرهم كوسيلة من وسائل التطبب أو العلاج، وحسم الأمر بأقوى الألفاظ والأحكام، فمن ذلك:
قوله ﷺ: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» (١).
وقوله: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ﷺ» (٢).
وقوله: «مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً، فَلَا أَتَمَّ اللهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً، فَلَا وَدَعَ اللهُ لَهُ» (٣).
وهذا الحسم يعتبر دعوة صريحة للعلم التجريبي خاصة إذا ما أضيف إليه المنع من ممارسة الطب لغير الخبير بالمهنة وتضمين من مارسها وليس عارفًا بها حيث يقول ﷺ: «مَنْ تَطَبَّبَ، وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ، فَهُوَ ضَامِنٌ» (٤).