102

Contemporary Intellectual Challenges to the Hadiths of Sahih Al-Bukhari and Sahih Muslim

المعارضات الفكرية المعاصرة لأحاديث الصحيحين

Daabacaha

تكوين للدراسات والأبحاث

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٤١ هـ - ٢٠٢٠ م

Noocyada

كما في الشَّهادة (^١)، كلُّ هذا لِيَسلَم لهم أصلُهم العقليُّ الأوَّل مِن أيِّ مُعارَضةٍ مُؤثِّرة.
والمُحصِّلةُ: أنَّ المنهج الاعتزاليَّ قائمٌ على التَّضييق في باب الاحتجاجِ بالسُّنة في مسائل الاعتقادِ، بدءً: بمنعِ الرَّسولِ أن يكون قد أخبرَ في الإلهيَّات بشيءٍ، خاصَّةً في صفاتِه وأفعالِه، فيزعمون أنَّه لم يُخبر في ذلك بخَبرٍ بُيِّن فيه الحقُّ بيقين، بخلاف غيرها من مسائل العمليَّات (^٢)، ولذلك طُوِيَت صفحات أعمارِهم على بحثِ هذه المَسائل العَقديَّةِ بمُجرَّدِ عقولِهم.
ثمَّ انتهاءً بطعنِهم في نسبةِ هذه الأحاديث إلى النَّبي ﷺ، إذ رَدُّوا «الأحاديثَ المُخالفةَ لأقوالِهم وقواعدِهم، ونَسَبوا رُواتها إلى الكذبِ والغلطِ والخطأِ في السَّمع، واعتقاد أنَّ كثيرًا منها مِن كلام الكُفَّار والمشركين! كان النَّبي ﷺ يحكيه عنهم، فرُبَّما أدركَه الواحدُ في أثناء كلامِه بعد تصديرِه بالحكاية، فيسمع المَحكِيَ، فيعتقده قائلًا له لا حاكيًا» (^٣).
فهذه الدَّعوى الواهنة قد حكاها عنهم ابن القيِّم، قد وجدتُها -حقيقةً- في صنيع بعضِ كُبرائهم، كالقاضي عبد الجبَّار؛ حيث كان يَتعلَّل أحيانًا بهذا الاحتمال السَّاقطِ لردِّ ما تدفعُه نفسُه من أحاديث الصِّفات!
ترى هذا الصَّنيعَ له في مثل قولِه: «.. ومِمَّا يتعلَّقون به، أخبارٌ عن النَّبي ﷺ، وأكثرُها يتضمَّن الجبر والتَّشبيه، فيجبُ القطع بأنَّه لم يَقُله، وإن قال، فإنَّه ﷺ قاله حكايةً عن قومٍ، والرَّاوي حذف الحكايةَ ونقَلَ الخبرَ» (^٤)؛ ثمَّ طَبَّق هذا الاحتمالَ على أحاديثِ الرُّؤية، مع أنَّها مَنقولةٌ بالتَّواتر!

(^١) انظر «قبول الأخبار» لأبي القاسم البلخي المُعتزلي (١/ ١٧)، و«المُعتمد» لأبي الحسين البصري (٢/ ١٣٨).
(^٢) انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١٣/ ١٧٥).
(^٣) «الصواعق المرسلة» لابن القيِّم (٤/ ١٥٢٧).
(^٤) «شرح الأصول الخمسة» (ص/٢٦٨).

1 / 111