الكرام من الصحابة ومن سار على نهجهم بقوله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ (١) فهم السابقون الأولون وأصحاب الشرف العظيم في وقوفهم إلى جانب نبيهم في ساعة العسرة وفدائهم له بأموالهم وأنفسهم وهم أول المجاهدين في سبيل الله من هذه الأمة.
وكانت نسبتهم في البداية بالنسبة إلى نسبة الكفار كنسبة الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود فإن الأرض كلها على الشرك وعبادة الأصنام.
فاستعذبوا العذاب في سبيل نشر النور إرضاءًا لله تعالى وقربًا إليه ولا يوجد مسلم على ظهر الأرض إلا وهو مدين للصحابة بالشكر والتقدير على نصرتهم رسول الله ﷺ وعلى فتوحاتهم التي عمت أكثر البقاع في عهودهم المجيدة.
وتلك الحقيقة يعيها كل مسلم إلا من فسدت فطرته وانحرف واتبع هواه كالرافضة الذين ذهبوا يسبونهم ويكفرونهم مضادة للآية الكريمة: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ﴾ (٢) ولهذا فقد كان ابن حزم ﵀ حينما يدحض النصرانية ويثبت لهم تحريف كتابهم يستدلون عليه أن المسلمين أيضًا أثبتوا أن في القرآن تحريفًا وزيادة ونقصًا فيقول لهم لا تحتجوا بكلام الرافضة واحتجوا بكلام المسلمين أو نحو ذلك لمعرفته التامة بأنه لا يمكن أن يقدم مسلم يؤمن بالله ربًا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيًا أن يدعي بأن هذا القرآن الموجود بين أيدينا قد تخلى الله عن
(١) التوبة: الآية١٠٠
(٢) الحشر: الآية١٠