Consultation in Islamic Law
الشورى في الشريعة الإسلامية
Noocyada
وسلم على من نشروا الفرية فجلد مسطحًا وحسان وحمنة بنت جحش تطبيقًا للنص، ومن يرى أن نزول آية القذف كان بعد تبرئة عائشة فإنه يقول برجعية التشريع وأن النبي ﵌ نفذ التشريع بأثر رجعي للمصلحة، وفي هذا يقول الدكتور محمد عبدالمنعم الضبعي: إن كانت آية القذف بعد الإفك وثبت جلد الثلاثة فهناك رجعية للتشريع من أجل المصلحة، وإن كانت آية القذف قد نزلت قبل الإفك فلا رجعية إن كان جلد مسطحًا ورفاقه غير صحيح، على أن الجلد ثابت عند أصحاب السنن والله أعلم. وقد استشهد البعض على الرجعية المدنية دون الجنائية بقوله تعالى (وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء سَبِيلًا) (النساء:٢٢)، فلم ينقل أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عاقب بمن تزوج بزوجة أبيه في الجاهلية ولكن فرق بينهما، أما من تزوج بامرأة أبيه وهو مسلم فإنه يقتل (١).
أما الأحوال التي يكون للتشريع فيها أثر رجعي ويكاد يتفق عليها فهي تتلخص في الآتي:
١ - أن يكون التشريع الجديد في صالح المتهم ولم يكن قد حكم عليه فالثلاثة الذين خلفوا اعتزلهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأمر بمقاطعتهم ثم نزل تشريع جديد بتوبة الله عليهم وانتفعوا بهذا التشريع الجديد وأصبح له أثر يعمل به في الماضي قال تعالى (وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (٢). فالتشريع القديم كان يقضي بمقاطعة من تخلف عن الغزو كليًا فجاءت الآية بالعفو عن هؤلاء حين شعروا بالندم، وكذلك الظهار كان طلاقًا في الجاهلية فألغاه التشريع الجديد واعتبره حالة أصلح للمتهم من أن يعده عليه طلاقًا، ولا ريب أن عدم اعتبار الظهار طلاقًا فيه سعة على الإنسان ففي عد الظهار طلاقًا تضييق لا مبرر له (٣)
_________
(١) - نظرة القرآن إلى الجريمة والعقاب ص ٩٣ وما بعدها.
(٢) - سورة التوبة ١١٨.
(٣) - زاد المعاد ج ٤، ص ١١٧.
1 / 100