178

Consultation in Islamic Law

الشورى في الشريعة الإسلامية

Noocyada

المشركين من قريش واتباعها أحدًا قال لأصحابه: أشيروا علي ما أصنع؟ فقالوا يا رسول الله اخرج بنا إلى هذا الأكلب فقالت الأنصار يا رسول الله ما غلبنا عدو قط أتانا في ديارنا فكيف وأنت فينا، فدعا الرسول ﵌ عبدالله بن أبي بن سلول ولم يدعه قط قبلها فقال يا رسول الله لا تخرج بنا إلى هذا الأكلب. وهكذا فإن الرسول استشار المهاجرين ثم الأنصار حتى رأس المنافقين عبدالله بن أبي بن سلول لم يهمل استشارته، ولقد رأيت اختلافهم بين الخروج من المدينة والبقاء فيها. يقول الطبري ثم إن الرسول ﵌ دعا بدرعه فلبسها فلما رأوه قد لبس السلاح ندموا وقالوا بئس ما صنعنا فقاموا فاعتذروا إلى النبي ﵌ وقالوا اصنع ما رأيت فقال الرسول ﵌ (لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل)، وهكذا لم تكن المشورة إلا درسًا في السلوك لقنها النبي لأصحابه حتى حُفظ عنه أنه كان يردد في أكثر المناسبات قوله المشهور: (أشيروا عليَّ أيها الناس). ثانيهما: شورى جاءته من بعض الصحابة ابتداءً من غير طلب وإن شئت سميتها بلغة اليوم شورى سلبية، وأورد ما حدث في غزوة بدر وما أشار عليه الحباب بن المنذر وقد سبق أن أوردناه فلا نعيده هنا وهو أن النبي ﵌ أخذ برأي الحباب ابن المنذر وقال: (قد أشرت بالرأي). وربما كان هناك نوع ثالث من الشورى ليس سلبيًا وليس إيجابيًا وإنما هو أمر بين بين كأن يعزم الرسول ﵌ على أمر من الأمور ويبدأ بالمفاوضة فيه حتى إذا حان إبرامه رأى أن يستشير فيشار عليه وبعد ذلك إما أبرمه وإما نقضه كالذي وقع خلال غزوة الخندق. (١) أي من استشارة الرسول ﵌ للسعدين بقصد مصالحة المشركين وتخذيلهم على شيء من ثمار المدينة، والمتتبع للهدي النبوي يجد أن الشورى في عهد النبي ﵌ إما أن تكون لعامة الناس وإما أن تكون لخاصتهم أو لوجهائهم الذين ينوبون عنهم في الغالب كما حدث في قصة استشارة

(١) - نظام الحكم في الإسلام ج١ - ص ٦٧، ٦٨.

1 / 209