36

Commentary on Sharh al-Sunnah by Al-Barbahari - Nasser al-Aql

التعليق على شرح السنة للبربهاري - ناصر العقل

Noocyada

معنى المراء في الدين السؤال ما معنى المراء في الدين؟ الجواب المراء في الدين هو الجدل في أمر الدين، والأصل في الدين هو إقرار الحق بدليله، أو السؤال عن الحق بدليله، لكن لا يكون هناك جدال، بمعنى أنه لو كان لك وجهة نظر مع دليلها فإنك تقولها ولا تزيد، فلا تكرر حجة، ثم تثير الشبه وترد على الشبه، ثم ترد على الرد، والآخر يرد على الرد وهكذا، كما يحدث في مجالس الناس الآن إذا أثيرت قضية شرعية تجد اللغط فيها والكلام ورفع الأصوات، وأحيانًا التشابك بالأيدي، فهذا نموذج من المراء المحرم، بل من كبائر الذنوب، فلا يجوز للناس أن يتجادلوا، وإذا بحثوا قضية شرعية فينبغي أن يقفوا فيها على مجرد ما يوجد عند الحاضرين معلومة بدليلها. ولا داعي لإثارة إشكالات أو التعصب للرأي، والجزم بما يراه أحد الحاضرين، فالمراء هو ما يزيد عن مجرد ذكر القضية ودليلها. والمحاورات والمناظرات التي تحدث في وسائل الإعلام خاصة في القنوات الفضائية الأصل فيها المنع، إلا في حالات استثنائية بشروطها؛ لكن لما عمت بها البلوى فأرى أنه لا مانع من أن يتصدى طالب العلم لأهل الباطل الذين يعرضون آراءهم في هذه القنوات، لكن بشرط أن يكون ملمًا بالقضية التي سيناقش فيها وبأدلتها، وأن يكون ملمًا بشبهة الخصم قبل أن يتعرض لها، وأن يكون عنده القدرة والجدارة، وأن يلتزم بشروط المناظرة، ويلزم خصمه بأن يضع شروطًا وضوابط في بداية المناظرة وبداية النقاش، فيشترط لنفسه؛ لئلا ينهزم فيظن أن الحق انهزم بسببه، وذلك من الآثار السيئة لوجود النقاش غير المتكافئ، وهو المحرم الذي حرمه السلف. ومن آثار النقاش غير المتكافئ أن بعض شبابنا فتنوا ببعض آراء الفرق، وفعلًا جاءني الآن بعض الشباب، يقول: إني أعرف من زملائي من اقتنع برأي فرقة من الفرق الضالة الكبرى بسبب مناظرة رآها في إحدى القنوات الفضائية، فصار المناظر في سبيل الباطل من العتاة المفتنين، والآخر ادعى السنة وهو لا يعرف كوعه من كرسوعه، فجلس ضعيفًا ذليلًا منهزمًا يردد كلامه لا يكاد يبدي ولا يعيد، فظهر وكأن الحق انهزم، هذا شيء. الشيء الآخر أن أغلب القائمين على القنوات الفضائية، والقائمين على هذه البرامج فيهم خبث، فهم يتصيدون الشياطين من أصحاب الفرق، ويتصيدون الضعفة ممن ينتسبون للسنة، وربما ليسوا سنة أصلًا، فحسب ما سمعت من أسمائهم أصلًا لا يمثلون السنة مع الأسف، فهم بحاجة إلى أن يناظروا وأن تصحح عقائدهم، فكيف يمثلون السنة؟ فالوقوع في مثل هذه الحبائل حرام إلا بشروطه وضوابطه، ولذلك ينبغي لكل طالب علم يريد أن يتصدى لمثل هذه الأمور أن يستشير المختصين، وأن يتعرف على مؤهلاته هو، وما ينبغي أن يقول وما ينبغي أن يفعل ومؤهلات خصمه.

2 / 15