126

Commentary on Sharh al-Sunnah by Al-Barbahari - Nasser al-Aql

التعليق على شرح السنة للبربهاري - ناصر العقل

Noocyada

صفة الكلام لله سبحانه
قال رحمه الله تعالى: [والإيمان بأن الله ﵎ هو الذي كلم موسى بن عمران يوم الطور، وموسى يسمع من الله الكلام بصوت وقع في مسامعه منه لا من غيره، فمن قال غير هذا فقد كفر بالله العظيم].
يرد الشيخ هنا على عدة طوائف منهم الجهمية والمعتزلة الذين زعموا أن الله ﷿ هو الذي سمع كلام موسى، ولذلك حرفوا الآية فقالوا: وكلم الله موسى تكليمًا، فتلوها على غير تلاوتها المتواترة عن النبي ﷺ.
وبعضهم قد لا يحرف الآية لكن يتأولها بأن المقصود بالكلام أن الله ﷿ علم، ففسر الكلام بالعلم، يعني: أن الله ﷿ علم موسى كلامه ولم يسمعه سماعًا مباشرًا.
وقالت طوائف من المعتزلة والفلاسفة وأهل الكلام إن الكلام الذي سمعه موسى إنما هو كلام خلقه الله بوسيلة أخرى، إما من كلام الشجرة التي كان عندها التكليم، أو بحروف وأصوات خلقها الله في الجو، أو بواسطة مخلوق تكلم كملك أو غيره، فاختلفوا في هذا اختلافات كثيرة، لكن كلهم أولوا الكلام أو أنكروه، وكل هذه التأويلات باطلة، فإن الله ﷿ كلم موسى تكليمًا كما ورد في الآية، والتكليم معناه الإشارة إلى أن الكلام حقيقة من الله ﷿ لموسى على ما يليق بجلال الله ﷿ من غير مماثلة.
وجميع هذه التأويلات لا أصل لها، فكون الله ﷿ يرسل ملكًا فيتكلم لا يعني أن الله هو الذي تكلم، وكونه يخلق حروفًا وأصواتًا في الجو ثم يسمعها الشجرة أو يخلقها في الشجرة أو نحو ذلك كل هذه تأويلات لا دليل عليها، وهذا أمر غيب، والله ﷿ أكد أنه كلم موسى على ما يليق بجلاله جاء ذلك بتأكيد صيغة الكلام بقوله ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء:١٦٤]، بمعنى: كلامًا حقيقيًا يليق بالله سبحانه.
ولذلك قال الشيخ: (وموسى يسمع من الله الكلام بصوت وقع في مسامعه منه لا من غيره) يقصد بذلك أن الكلام من الله ﷿ لموسى كلام حقيقي، وأن موسى سمع كلام الله، والعبارات الزائدة الأولى الاستغناء عنها.
أما أن الله ﷿ يتكلم بالصوت فهذا ثابت في نصوص أخرى، وقوله: (منه لا من غيره) أي: من الله ﷿ لا من غير الله، يقصد أنه لم يكن الكلام من الشجرة ولا من ملك ولا من مخلوق آخر، ولا من أصوات مخلوقة.
قوله: (وأن من قال غير هذا فقد كفر) يقصد أن من لم يؤمن بأن الكلام من صفات الله، وأنه كلم موسى كما يليق بجلاله ﷿ فقد أنكر القطعي من الدين، ومن أنكر القطعي من الدين فهو كافر؛ هذا على جهة العموم لكن المعين يحتاج إلى إجراء آخر.

9 / 4