Collection of Fatwas and Various Articles - Ibn Baz
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز
Daabacaha
رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية
Noocyada
عليه ويوجبه. فلهذا أقام الله الحجة عليهم بهذا الإقرار فقال: ﴿فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ﴾ (١) وفي الآيات الأخرى أفلا تعقلون، أفلا تذكرون.
ومن تدبر هذا الأمر الذي أقروا به، استفاد لو عقل أن هذا المتصف بهذه الصفات هو المستحق لأن يعبد، ما دام هو الخلاق وهو الرزاق وهو المحيي وهو المميت وهو المعطي وهو المانع وهو المدبر للأمور، وهو العالم بكل شيء والقادر على كل شيء، فكيف تصرف العبادة لغيره، بل كيف يرجى غيره، ويخاف غيره لو عقل أولئك الكفار، ولكنهم لا يعقلون: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ (٢) وقال في المنافقين: ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ (٣) وهكذا أشباههم كما قال سبحانه: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ (٤) هؤلاء هم الغافلون حقا وهم أشباه الأنعام، بل هم أضل منها، كما وصفهم الله بذلك في آيات بينات، وحجج نيرات، وبراهين ساطعات، ومع ذلك لم يفهموها ولم يعقلوها، واستمروا على كفرهم وضلالهم، حتى حاربوه ﷺ يوم بدر، ويوم أحد، ويوم الخندق (يوم الأحزاب)، استمروا في كفرهم وضلالهم، ولم تنفع فيهم الآيات، ولم يستفيقوا من غفلتهم وإعراضهم، ولله الحكمة البالغة ﷾ والحجة الدامغة.
ثم إنه سبحانه أظهر نبيه، وأعز دينه، وقهر الأعداء، فغزاهم ﷺ يوم
_________
(١) سورة يونس الآية ٣١
(٢) سورة المجادلة الآية ١٩
(٣) سورة البقرة الآية ١٨
(٤) سورة الأعراف الآية ١٧٩
1 / 37