الأمصار بعد الفتوحات يحملون معهم ميراث النبوة، وما كان يتيسر للرجل أن يحيط علمًا بحديث رسول الله ﷺ دون الرحلة إلى الأمصار وملاحقة الصحابة المتفرقين فيها.
قال الإمام سعيد بن المسيب سيد التابعين: "إن كنت لأسير في طلب الحديث الواحد مسيرة الليالي والأيام". ١
وقال بسر بن عبد الله الحضرمي: "إن كنت لأركب إلى مصرٍ من الأمصار في الحديث الواحد لأسمعه"، وقال عامر الشعبي: "لم يكن أحد من أصحاب عبد الله بن مسعود أطلب للعلم في أفقٍ من الآفاق من مسروق". ٢
وحدث الشعبي رجلًا بحديث ثم قال له: "أعطيناكها بغير شيء، قد كان يُركَب فيما دونها إلى المدينة". ٣
وعن أبى العالية الرياحي قال: "كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله ﷺ فلم نرض حتى ركبنا إلى المدينة فسمعناها من أفواههم". ٤
أسباب الرحلة:
للرحلة في طلب العلم أسباب كثيرة من أهمها:
١ ابن سعد: الطبقات الكبرى ٥/١٢٠، وأبو عمر ابن عبد البر: الجامع ١ / ٩٤.
٢ المصدر السابق.
٣ الخطيب: الكفاية ص: ٤٠٢، ط: حيدر آباد، ابن عبد البر: جامع بيان العلم وفضله ١ / ٩٤.
٤ أبو محمد الدارمي: السنن ١ / ١٤٤ ح ٥٧٠ باب الرحلة في طلب العلم.