المطلب الثالث
اعتراف خصومه بقدره
من سنة الله ﷿ أن يجري الحق على ألسنة أعدائه ومخالفيه؛ وذلك بيانًا له، وتطمينًا لقلوب المؤمنين، وإقامةً للحجة على أعدائه ومناوئيه، وفي هذا المطلب سأستعرض شيئًا من قول أعداء ابن تيمية ﵀ وهي من باب قول الله ﷿: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾ [يوسف: ٢٦]، ولسنا في حاجة في كل موضع من المواضع أن نذكر شهادة الأعداء والمخالفين، ولكنها إذا وجدت وذكرت كانت شهادة بالفضل لأهل الفضل، كما قال الشاعر:
وشمائل شهد العدو بفضلها ... والفضل ما شهدت به الأعداء (١)
وليس القصد من ذكر هذه النماذج هو الحصر، بل يكفينا من القلادة ما أحاط بالعنق، ومن الأمثلة ما يقرر القاعدة.
ثم إن شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ كان - ولا يزال - له من المكانة في نفوس أهل السنة مما لا يحتاج فيه إلى ذكر ثناء القادحين فيه، وفي عقيدته، ولو كان - أيضًا ﵀ من أهل المداراة، والملاينة مع المبتدعة في مقابل عدم إظهار امتعاضه، وبغضه لبدعهم، ولما هم عليه؛ لكان موضع قبول بإجماعهم، فهم مقرون في حقائق نفوسهم أنه إمام من أئمة المسلمين، وعلم من أعلامهم البارزين (٢) .