وكان من قدر الله وتوفيقه أن يبعث على رأس كل قرن من يجدد لهذه الأمة دينها، كما جاء في الحديث الصحيح: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها» (١) .
ومن هؤلاء الأعلام المجددين: العلامة المجاهد، الإمام الرباني، شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (٦٦١ - ٧٢٨هـ) ﵀؛ ذلك العلامة الفذ الذي لا يملك منصف من الكفار أو من المسلمين، من أعدائه أو من محبيه إلا أن يثني عليه كثيرًا حين ذكره، بما يحضر ذلك المثني من صفات وخصائص لابن تيمية ﵀؛ ولأجل أن يكون الكلام عن ابن تيمية ﵀ منصفًا، فسأذكر مثالين لوصفه ﵀ من قِبل معاصريه الذين رأوه، وخالطوه.
فأولهما: قول ابن الزملكاني (٢)
﵀ عنه: (كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحدًا لا يعرف مثله، وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جلسوا معه استفادوا من مذاهبهم منه ما لم يكونوا عرفوه قبل ذلك، ولا يُعرف أنه ناظر أحدًا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم - سواء كان من علوم الشرع أو غيرها - إلا فاق فيه أهله، والمنسوبين إليه، وكانت له اليد الطولى في حسن التصنيف، وجودة العبارة