بسم الله الرحمن الرحيم هذه أحاديث ملتقطة من كتب شتى في فضائل أمير المؤمنين وأهل بيت النبي (عليهم السلام)، نقلتها محذوفة الأسانيد اختصارا، معتقدا لمكان صحتها، متوافقا في خير الاحتمال في بعضها، مفوضا صدقها إلى الرواة والنقلة الثقات.
وكتب العبد المتوسل بالنبي الأمي محمد بن الحسن القمي وفقه الله لمراضيه:
الحديث الأول عن وهب بن وهب، عن جعفر بن محمد الصادق [عن أبيه]، عن آبائه (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال:
" ما خلق الله تعالى خلقا أكثر من الملائكة، وإنه لينزل من السماء كل مساء سبعون ألف ملك، يطوفون بالبيت ليلتهم، حتى إذا طلع الفجر انصرفوا إلى قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيسلمون عليه، ثم يأتون [إلى] قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر الحسين [بن علي] (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يعرجون إلى السماء قبل أن تطلع الشمس.
ثم تنزل ملائكة النهار سبعون ألف ملك، فيطوفون بالبيت الحرام نهارهم، حتى إذا غربت الشمس انصرفوا إلى قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر أمير
Bogga 13
المؤمنين (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر الحسن (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يأتون قبر الحسين (عليه السلام) فيسلمون عليه، ثم يعرجون إلى السماء قبل أن تغيب الشمس؛ والذي نفسي بيده، إن حول قبره أربعة ألف ألف (1) ملك شعثا غبرا يبكون عليه إلى يوم القيامة ".
وفي رواية أخرى: " قد وكل الله بالحسين (عليه السلام) سبعين ألف ملك شعثا غبرا، يصلون عليه كل يوم، ويدعون لمن زاره، ورئيسهم ملك يقال له: منصور، فلا يزوره زائر إلا استقبلوه، ولا يودعه مودع إلا شيعوه، ولا يمرض إلا عادوه، ولا يموت إلا صلوا على جنازته واستغفروا له بعد موته " (2).
الحديث الثاني عن سلمان الفارسي (رضي الله عنه) قال: كنا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ جاء أعرابي فوقف علينا - ونحن جماعة - وسلم، فرددنا عليه السلام، فقال: أيكم [البدر التمام ومصباح الظلام] محمد بن عبد الله رسول الله [الملك العلام] أهذا هو الصبيح الوجه؟
- وأومأ بيده إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - فقال النبي: " أنا رسول الله، اجلس يا أعرابي " فجلس، فقال [له]: يا محمد، آمنت بك ولم أرك، وصدقتك قبل أن ألقاك، غير أنه بلغني عنك أمر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " وأي شيء بلغك عني؟ ".
فقال: دعوتنا إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنك محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأجبناك، ثم دعوتنا إلى الصلاة والصيام والزكاة والحج والجهاد فأجبناك، ثم لم ترض عنا حتى دعوتنا إلى موالاة [ابن عمك] علي بن أبي طالب ومحبته، أفأنت افترضت علينا من
Bogga 14
الأرض أم الله افترضه علينا من السماء؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " بل الله تعالى افترضه [في السماوات] على أهل السماوات والأرض ".
قال الأعرابي: الرضا بما أمر الله تعالى وأمرت يا رسول الله؛ فإنه الحق [من عند ربنا].
فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): " يا أعرابي، أعطيت في علي خمس خصال، الواحدة منهن خير من الدنيا وما فيها، ألا أنبئك [بها] يا أعرابي؟ " قال: بلى يا رسول الله.
قال: " الأولى: كنت جالسا يوم بدر، فقد انقضت عنا الغزاة، هبط جبرائيل (عليه السلام) وقال لي: إن الله يقرئك السلام ويقول لك: يا محمد، آليت على نفسي بنفسي وأقسمت علي بي أني لا ألهم حب علي إلا من أحببته أنا، فمن أحببته ألهمته حب علي (عليه السلام) ".
ثم قال: " ألا أنبئك بالثانية؟ " قال: بلى يا رسول الله.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " [كنت جالسا] وقد فرغت من جهاز عمي حمزة إذ أتى جبرئيل - وقد هبط علي - وقال: يا محمد، إن الله يقرأ عليك السلام ويقول لك: قد افترضت الصلاة ووضعتها عن المعتل، وافترضت الصوم ووضعته عن المسافر، وافترضت الحج ووضعته عن المقل (1)، وافترضت الزكاة ووضعتها عن المعدم، وافترضت حب علي بن أبي طالب على أهل السماوات والأرض فلم أعط فيه رخصة ".
[ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم):] " يا أعرابي ألا أنبئك بالثالثة؟ " قال: بلى يا رسول الله.
قال: " ما خلق الله شيئا (2) إلا وجعل له سيدا؛ فالنسر سيد الطيور، والثور سيد البهائم، والأسد سيد السباع، والجمعة سيد الأيام، ورمضان سيد الشهور، وإسرافيل سيد الملائكة، وآدم سيد البشر، وأنا سيد الأنبياء، وعلي سيد الأوصياء ".
Bogga 15
[ثم قال:] " ألا أنبئك بالرابعة؟ " قال: نعم يا رسول الله.
قال: " حب على [بن أبي طالب] شجرة أصلها في الجنة وأغصانها في الدنيا، فمن تعلق بغصن من أغصانها [في الدنيا] أورده (1) الجنة؛ وبغض علي [بن أبي طالب] شجرة أصلها في النار [وأغصانها في الدنيا]، فمن تعلق بغصن من أغصانها، أورده (2) النار ".
[ثم قال:] " يا أعرابي، ألا أنبئك بالخامسة؟ " قال: نعم يا رسول الله.
قال: " إذا كان يوم القيامة، ينصب لي منبر عن يمين العرش، ثم ينصب لإبراهيم (عليه السلام) منبر بحذاء منبري عن يمين العرش، ثم يؤتى بكرسي عال مشرق زاهر يعرف بكرسي الكرامة، فينصب بينهما، فأنا على منبري، وإبراهيم على منبره، وعلي على كرسي الكرامة، فما رأت عيناي من حبيب بأحسن من حبيب بين خليلين ".
[ثم قال:] " يا أعرابي، أحب عليا حق حبه؛ [فإن الله تعالى يحب محبيه، وعلي (عليه السلام) معي في قصر واحد ".
فعند ذلك] قال الأعرابي: سمعنا وأطعنا يا رسول الله (3).
الحديث الثالث عن سلمة، عن زيد بن علي (عليه السلام) أنه قال: جاء رجل من أهل البصرة إلى أبي، سيد العابدين علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال: يا علي بن الحسين، إن جدك علي بن أبي طالب قتل المؤمنين!
فهملت عينا علي بن الحسين (عليهما السلام) دموعا حتى ملأ كفيه [منها]، ثم ضرب
Bogga 16
بها الحصى، فوالله لرأيت يبل القضبان الأربعة على الحصى من دموع علي بن الحسين (عليهما السلام).
ثم قال: " يا أهل البصرة، لا والله ما قتل علي مؤمنا ولا قتل مسلما، وما أسلم القوم، ولكن استسلموا وكتموا الكفر وأظهروا الإسلام، فلما وجدوا على الكفر أعوانا أظهروه، وقد علمت صاحبة الخدر (1) والمستحفظون من آل محمد أن أصحاب الجمل وأصحاب صفين [وأصحاب النهروان] لعنوا على لسان النبي الأمي، وقد خاب من افترى (2).
وسمعت أبي سيد الشهداء (عليه السلام) أنه قال: جاءت امرأة شنيعة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) [وهو] على المنبر وقد قتل أخاها وأباها، فقالت: هذا قاتل الأحبة!
فنظر إليها أمير المؤمنين فقال [لها]: يا سلفع يا جريئة يا بذية يا منكرة، التي لا تحيض كما تحيض النساء، يا التي على هنها شيء بين مدلى!
قال: فمضت، وتبعها عمرو بن حريث [وكان عثمانيا] فقال [لها]: أيتها المرأة، ما يزال هذا الرجل يسمعنا العجائب، فما ندري حقها من باطلها، وهذه داري فادخلي إليها فإن لي فيها أمهات أولاد؛ حتى تنظرن أحقا قال أم باطلا وأهب لك شيئا.
فدخلت، فأمر أمهات أولاده فنظرن فإذا شيء على ركبها مدلى، فقالت: يا ويلها!
اطلع علي بن أبي طالب على شيء لم تطلع عليه إلا أمي أو قابلتي. قال: فوهب لها عمرو بن حريث شيئا " (3).
Bogga 17
الحديث الرابع عن أبي هريرة قال: مر علي بن أبي طالب (عليه السلام) بنفر من قريش في المسجد فتغامزوا عليه، فدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وشكاهم [إليه]، فخرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غضبان، فقال [لهم]:
" يا أيها الناس، ما لكم إذا ذكر إبراهيم [وآل إبراهيم] أشرقت وجوهكم وطابت نفوسكم، وإذا ذكر محمد وآل محمد قست قلوبكم وعبست وجوهكم؟! والذي نفسي بيده، لو عمل أحدكم عمل سبعين نبيا ما دخل الجنة حتى يحب هذا وولده " وأشار إلى علي بن أبي طالب، ثم قال: " إن لله حقا لا يعلمه إلا أنا وهو، وإن لي حقا لا يعلمه إلا الله وهو، وإن لعلي حقا لا يعلمه إلا الله وأنا " (1).
الحديث الخامس عن الفضيل بن يسار، عن الباقر، عن أبيه، عن جده الحسين (عليهم السلام) أنه قال:
" لما رجع علي (عليه السلام) من قتال أهل النهروان أخذ على النهروانات وأعمال العراق، ولم يكن يومئذ بنيت بغداد (2)، فلما وافى ناحية " براثا " (3) صلى بالناس الظهر فرحلوا ودخلوا إلى أوائل أرض بابل وقد وجبت صلاة العصر، فصاح المسلمون:
يا أمير المؤمنين، هذا وقت العصر قد دخل، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): هذه أرض مخسوف بها قد خسف الله بها ثلاثا ويخشى عليها تمام الرابعة، ولا يحل لنبي أو لوصي أن يصلي فيها، فمن أراد منكم أن يصلي فليصل. فقال المنافقون:
Bogga 18
هو لا يصلي فنحن لا نصلي (1).
قال جويرية بن مسهر العبدي (2): فتبعته في مائة فارس وقلت: والله لا أصلي أو يصلي هو، ولأقلدنه صلاتي اليوم، قال: فسارع أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أن أقطع [أرض] بابل وقد تدلت الشمس للغروب، ثم غابت واحمر الأفق، قال: فالتفت إلي وقال: يا جويرية، هات الماء. قال: فقدمت إليه الإداوة (3) فتوضأ، ثم قال لي: أذن يا جويرية، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما وجب العشاء بعد! قال (عليه السلام): أذن للعصر، [فقلت في نفسي: كيف يقول أذن للعصر] وقد غربت الشمس! ولكن على الطاعة، فأذنت، فقال لي: أقم، ففعلت، وإذا أنا في الإقامة إذ تحركت شفتاه بكلام كأنه منطق الخطاطيف لا يفهم، فرجعت الشمس بصرير عظيم، ووقفت في مركزها من العصر، فقام (عليه السلام) وكبر [وصلى] وصلينا وراءه، فلما فرغ من صلاته وقعت [الشمس] كأنها سراج في طست، وغابت واشتبكت النجوم [وأزهرت]، فالتفت إلي وقال: أذن الآن للعشاء يا ضعيف اليقين! " (4).
وفي رواية أخرى: " أنها انقضت كما ينقض الكوكب ".
وروي: أن الشمس ردت له في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد غشيه الوحي، فوضع رأسه في حجر علي بن أبي طالب وحضر
Bogga 19
وقت العصر، فلم يبرح من مكانه ومنزله حتى [غربت الشمس]، فاستيقظ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: " اللهم، إن عليا كان في طاعتك، فرد عليه الشمس ليصلي العصر "، فردها الله تعالى عليه بيضاء نقية حتى صلى، ثم غربت (1).
وذكر هذا الخبر الإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي (2) في كتابه المعروف ب " التبيان في الإيمان " قال: أخبرنا أبو بكر بن يحيى الأزدي، قال: حدثنا العلكي، عن الحرمازي، عن شيخ من بني تميم - وكان الشيخ صدوقا - إنه لما رجع أمير المؤمنين (عليه السلام) من قتال أهل النهروان...
الحديث السادس عن أبان [بن] تغلب الكندي، عن جعفر بن محمد الصادق، عن أبيه، عن جده الحسين (عليهم السلام) قال:
" كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخطب في يوم الجمعة على منبر الكوفة إذ سمع وجبة عظيمة وعدو الرجال يتواقعون بعضهم على بعض، فقال لهم: ما لكم؟ قالوا: يا أمير المؤمنين، ثعبان عظيم قد دخل من باب المسجد، ونفزع منه فنريد أن نقتله.
فقال (عليه السلام): " لا تقربنه أحد منكم، طرقوا له فإنه رسول جاء في حاجة " [فطرقوا له] فما زال يتخلل حتى صعد المنبر، فوضع فاه (3) في أذن أمير المؤمنين (عليه السلام) فنق في أذنه
Bogga 20
نقيقا وتطاول وأمير المؤمنين يحرك رأسه، ثم نق أمير المؤمنين له بمثل نقيقه ونزل عن المنبر وسار (1) بين الجماعة، فالتفتوا فلم يروه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما هذا الثعبان؟ فقال (عليه السلام): هذا درجان بن مالك، خليفتي على الجن المسلمين، وذلك أنهم اختلفوا في أشياء فأنفذوه علي، وقد جاء وسألني عنها، وأخبرته بجواب مسائله فرجع " (2).
ولهذا أهل الكوفة يسمون الباب الذي دخل منه الثعبان: باب الثعبان. فأراد بنو أمية إطفاء هذه الفضيلة، فنصبوا على ذلك الباب فيلا مدة طويلة حتى سمي باب الفيل.
الحديث السابع عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لما أسري بي إلى السماء أمر بعرض الجنة والنار علي فرأيتها جميعا، رأيت الجنة وألوان نعيمها، ورأيت النار وألوان عذابها، فلما رجعت قال لي جبرئيل (عليه السلام): هل قرأت يا رسول الله ما كان مكتوبا على أبواب الجنة وما كان مكتوبا على أبواب النار؟
فقلت: لا يا جبرئيل. قال: إن للجنة ثمانية أبواب، على كل باب منها أربع كلمات، كل كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن تعلمها واستعملها، وإن للنار سبعة أبواب، على كل باب منها ثلاث كلمات، كل كلمة خير من الدنيا وما فيها لمن تعلمها وعرفها.
فقلت: يا جبرئيل، ارجع معي لأقرأها، فرجع جبرئيل (عليه السلام)، فقرأنا أبواب الجنة، فإذا على الباب الأول منها [مكتوب]: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، لكل شيء حلية وحلية العيش أربع خصال: القناعة، ونبذ الحقد، وترك الحسد، ومجالسة أهل الخير.
Bogga 21
وعلى الباب الثاني منها [مكتوب]: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله، لكل شيء حلية وحلية السرور في الآخرة أربع خصال: مسح رؤوس اليتامى، والتعطف على الأرامل، والسعي في حوائج المسلمين، وتفقد الفقراء والمساكين.
وعلى الباب الثالث مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛ لكل شيء حلية وحلية الصحة في الدنيا أربع خصال: قلة الكلام، وقلة المنام، وقلة المشي، وقلة الطعام.
وعلى الباب الرابع منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛ من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليبر والديه، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت.
وعلى الباب الخامس منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛ من أراد أن لا يذل فلا يذل، من أراد أن لا يشتم فلا يشتم، من أراد أن لا يظلم فلا يظلم، من أراد أن يستمسك بالعروة الوثقى في الدنيا [والآخرة] فليستمسك بقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله.
وعلى الباب السادس مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛ من أحب أن يكون قبره واسعا فسيحا فلينق المساجد، ومن أحب أن لا يأكله الديدان تحت الأرض فليكنس المساجد، ومن أحب أن يبقى طريا تحت الأرض ولا يبلى جسده فليشر بسط المساجد، ومن أحب أن يرى موضعه من الجنة قبل موته فليسكن المساجد.
وعلى الباب السابع منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛ بياض القلب في أربع خصال: عيادة المريض، واتباع الجنائز، وشري الأكفان للموتى، ودفع القرض.
وعلى الباب الثامن منها مكتوب: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله؛
Bogga 22
من أراد الدخول من هذه الأبواب الثمانية فليستمسك بأربع خصال: بالصدقة، والسخاء، وحسن الأخلاق، وكف الأذى عن عباد الله.
ثم جئنا إلى أبواب جهنم فإذا على الباب الأول مكتوب ثلاث كلمات: (لعن الله الكذابين، لعن الله الباخلين، لعن الله الظالمين) (1). من رجا الله سعد، ومن خاف الله أمن، والهالك المغرور من رجا سوى الله وخاف غيره.
وعلى الباب الثاني مكتوب ثلاث كلمات: من أراد أن لا يكون عريانا في القيامة فليكس الجلود العارية في الدنيا، ومن أراد أن لا يكون جائعا في الآخرة فليطعم البطون الجائعة في الدنيا، ومن أراد أن لا يكون عطشانا في القيامة فليسق العطاش في الدنيا.
وعلى الباب الثالث مكتوب ثلاث كلمات: لعن الله الكذابين (2)، لعن الله الباخلين، لعن الله الظالمين.
وعلى الباب الرابع منها مكتوب ثلاث كلمات: أذل الله من أهان الإسلام، أذل الله من أهان أهل بيت نبي الله، أذل (3) الله من أعان الظالمين على ظلمهم المخلوقين.
وعلى الباب الخامس منها مكتوب ثلاث كلمات: لا تتبع الهوى فإن الهوى مجانب الإيمان، ولا تكثر منطقك فيما لا يعنيك فتسقط (4) من رحمة ربك، ولا تكن عونا للظالمين فإن الجنة لم تخلق للظالمين.
وعلى الباب السادس مكتوب: أنا حرام على المجتهدين (5)، أنا حرام على المتصدقين، أنا حرام على الصائمين.
Bogga 23
وعلى الباب السابع مكتوب ثلاث كلمات: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، ووبخوا أنفسكم قبل أن توبخوا، وادعوا الله عزوجل قبل أن تردوا عليه، ولا تقدرون على ذلك " (1).
الحديث الثامن عن مكحول، عن عياض بن غنم وعن عبد الله بن عباس أنهما قالا:
لما رجعنا من حجة الوداع مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) جلسنا مع النبي في مسجده، ظهر الوحي عليه، فتبسم تبسما شديدا [حتى] بانت ثناياه، فقلنا: يا رسول الله، مم تبسمت؟
فقال: " من إبليس؛ مر بنفر يتناولون عليا، فوقف أمامهم، فقال القوم: من الذي وقف أمامنا؟ فقال: أنا أبو مرة، فقالوا: وتسمع كلامنا؟ فقال: نعم، سوأة لكم! أتسبون مولاكم علي بن أبي طالب؟!
فقالوا [له]: يا أبا مرة من أين علمت أنه مولانا؟ فقال: لقول نبيكم بالأمس:
" من كنت مولاه فعلي مولاه [اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله].
فقالوا: يا أبا مرة، فأنت من شيعته أو من مواليه؟ فقال: ما أنا من شيعته ولا من مواليه، ولكني أحبه؛ لأنه وما يبغضه أحد منكم إلا شاركته في المال والولد، وذلك قول الله تعالى أسمع (وشاركهم في الأموال والأولاد) (2).
فقالوا: يا أبا مرة، فتقول في علي شيئا؟ قال: نعم، اسمعوا مني: عبدت الله عزوجل في الجان اثني عشر ألف سنة، فلما أهلك الله الجان شكوت إلى الله عزوجل الوحدة،
Bogga 24
فأوتي بي إلى السماء الدنيا، فعبدت الله فيها اثني عشر ألف سنة أخرى [مع الملائكة]، فبينا نحن كذلك نسبح الله تعالى ونقدسه إذ مر بنا نور شعشعاني، فخرت الملائكة لذلك سجدا فقالوا: نور نبي مرسل أو ملك مقرب، فإذا النداء من قبل الله تعالى: لا نور نبي مرسل ولا ملك مقرب، هذا نور طينة علي بن أبي طالب ابن عم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) " (1).
الحديث التاسع عن أم سلمة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
" ما من قوم اجتمعوا يذكرون فضل محمد وآل محمد إلا هبطت [عليهم] ملائكة من السماء حتى تحف بهم وتأنس بحديثهم، فإذا تفرقوا عرجت الملائكة إلى السماء، فتقول لهم الملائكة: إنا نشم منكم رائحة ما شممنا رائحة أطيب منها، فيقولون: كنا عند قوم يذكرون محمدا وأهل بيته فعلق فينا من ريحهم فتعطرنا.
[فيقولون: اهبطوا بنا إليهم، فيقولون: تفرقوا ومضى كل واحد منهم إلى منزله، فيقولون:] اهبطوا بنا إلى المكان الذي كانوا فيه [حتى نتعطر بذلك المكان] " (2).
الحديث العاشر روي عن جميع بن عمير قال: دخلت على أم المؤمنين عائشة مع أمي وأنا غلام، فذكرت لها عليا (عليه السلام)، فقالت:
Bogga 25
ما رأيت رجلا قط أحب إلى رسول الله منه، وامرأة أحب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من امرأته. وقالت له فاطمة يوما وأنا حاضرة: " فدتك نفسي يا رسول الله، صلى الله عليك! أي شيء رأيت لي؟ " فقال: " يا فاطمة، أنت خير نساء البرية، وأنت سيدة نساء الجنة " قالت: " فما ابن عمك علي؟ " فقال: " علي لا يقاس به أحد من الناس " قالت: " والحسن والحسين؟ " قال: " هما ولداي وسبطاي وريحانتاي أيام حياتي ومماتي ".
فأتى علي فقال: " فداك أبي وأمي يا رسول الله، أي شيء رأيت لي؟ ".
فقال: " يا علي، أنا وأنت وفاطمة والحسن والحسين في غرفة من درة؛ أساسها من رحمة الله، وأطرافها من رضوان الله، وهي تحت عرش الله.
يا بن أبي طالب، بينك وبين نور الله باب فتنظر إليه وينظر إليك، وذلك وقت ألجم الناس العرق، على رأسك تاج من نور قد أضاء نوره ما بين المشرق والمغرب، وأنت ترفل في حليتين: حلة حمراء، وحلة وردية، خلقت وخلقتم وخلق محبونا من طينة تحت العرش، وخلق مبغضونا من طينة الخبال " (1).
الحديث الحادي عشر عن سعد بن عبادة الأنصاري (رحمه الله) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" لما عرج بي إلى السماء فكنت من ربي بقاب قوسين أو أدنى، سمعت النداء من قبل الله عزوجل: يا محمد، من تحب ممن معك في الأرض؟ فقلت: [يا رب] أحب من يحبه العزيز ويأمرني بحبه، فسمعت النداء من الله تعالى: يا محمد، أحب عليا فإني أحبه وأحب من يحبه.
Bogga 26
فرجعت إلى السماء الرابعة، فلقيني جبرئيل (عليه السلام) فقال لي: يا رسول الله، ما قال لك العزيز وما قلت له؟ فقلت: حبيبي جبرئيل سمعت النداء من قبل الله تعالى:
يا محمد، من تحب ممن معك في الأرض؟ فقلت: أحب من يحبه العزيز ومن يأمرني بحبه، فبكى جبرئيل حتى علا منه النحيب وقال : والذي بعثك بالحق نبيا، لو أن أهل الأرض كلهم يحبون عليا كما يحبه أهل السماء لما خلق الله نارا يعذب بها [أحدا] " (1).
الحديث الثاني عشر عن نافع، عن عبد الله بن عمر قال: سألت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فغضب [وقال:] " ما بال أقوام يذكرون من له منزلة [عند الله كمنزلتي]؟!
ألا ومن أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبني رضي الله عنه، ومن رضي الله عنه كافأه الجنة.
ألا ومن أحب عليا تقبل الله صلاته وصيامه وقيامه، واستجاب الله دعاءه.
ألا ومن أحب عليا استغفرت له الملائكة وفتحت له أبواب الجنة (2)، يدخل من أي باب شاء من غير حساب.
ألا ومن أحب عليا لا يخرج من الدنيا حتى يشرب من الكوثر ويأكل من شجرة طوبى ويرى مكانه من الجنة.
ألا ومن أحب عليا هون الله عليه سكرات الموت، وجعل قبره روضة من رياض الجنة.
Bogga 27
ألا ومن أحب عليا أعطاه الله في الجنة بعدد كل عرق في بدنه حورا، ويشفع في ثمانين ألفا من أهل بيته، وله بكل شعرة في بدنه مدينة في الجنة.
ألا ومن أحب عليا بعث الله إليه ملك الموت برفق (1)، ودفع [الله] عنه سكرات (2) منكر ونكير، ونور قبره، وبيض وجهه.
ألا ومن أحب عليا أظله الله في ظل عرشه مع الصديقين والشهداء.
[ألا ومن أحب عليا نجاه الله من النار] (3).
ألا ومن أحب عليا تقبل الله منه حسناته، وتجاوز عن سيئاته، وكان في الجنة رفيق حمزة سيد الشهداء.
ألا ومن أحب عليا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأجرى على لسانه الصواب، وفتح الله له أبواب الرحمة.
ألا ومن أحب عليا سمي في السماوات: أسير الله في أرضه.
ألا ومن أحب عليا ناداه ملك من تحت العرش: أن يا عبد الله، استأنف العمل فقد غفر الله لك الذنوب كلها.
ألا ومن أحب عليا جاء يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر.
ألا ومن أحب عليا وضع الله على رأسه تاج [الملك ، وألبسه حلة العز] والكرامة.
ألا ومن أحب عليا مر على الصراط كالبرق الخاطف.
ألا ومن أحب عليا وتولاه كتب الله له براءة من النار وجوازا على الصراط وأمانا من العذاب.
ألا ومن أحب عليا لا ينشر له ديوان، ولا ينصب له ميزان، ويقال له: ادخل الجنة
Bogga 28
بغير حساب.
ألا ومن أحب آل محمد أمن من الحساب والميزان والصراط.
ألا ومن مات على حب آل محمد صافحته الملائكة، وزاره الأنبياء، وقضى الله له كل حاجة له عند الله عزوجل.
ألا ومن مات على حب آل محمد فأنا كفيله بالجنة " قالها ثلاثا (1).
قال قتيبة بن سعيد بن رجاء: كان حماد بن زيد يفتخر بهذا الحديث ويقول: هو الأصل لمن يقر به (2).
الحديث الثالث عشر عن الزهري، عن أنس بن مالك أنه قال:
كنا قعودا عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحوله أصحابه إذ ضحك رسول الله، فقالوا:
يا رسول الله، أضحكت، زادك الله سرورا؟ قال:
" إن جبرئيل أتاني فبشرني ببشارة لم يبشرني بمثلها فيما مضى، أخبرني أن من فتيان بني هاشم سبعا لم يخلق الله مثلهم فيما مضى، ولم يخلق مثلهم فيما بقي: أنا محمد رسول الله سيد الأنبياء، وعلي وصيي سيد الأوصياء، وحمزة عمي سيد الشهداء، وجعفر ابن عمي الطيار في الجنة، وابناي الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ومنا القائم الذي يصلي خلفه عيسى بن مريم، وهو المهدي؛ وجهه كالكوكب الدري، اللون لون عربي والجسم جسم إسرائيلي، على خده الأيمن
Bogga 29
خال، يرضى بخلافته أهل الأرض والسماء والطير في الهواء " (1).
الحديث الرابع عشر عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - والمجلس غاص ببني هاشم وغيرهم -:
" من أحب عليا وتولاه قربه الله وأدناه، ومن أبغض عليا وعاداه أبعده الله وأخره.
سبقت رحمة ربي لمن أحب عليا وتولاه، ووجبت لعنة ربي لمن أبغض عليا وعاداه ".
الحديث الخامس عشر عن الإمام علي بن موسى الرضا، عن آبائه (عليهم السلام): " أن أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يخطب على منبر الكوفة - وهي الخطبة المعروفة بالغراء - وقال فيها:
أنا عبد الله وأخو رسول الله وزوج ابنته وأبو السبطين، أنا يعسوب الدين، أنا مولى المؤمنين، أنا إمام المتقين، أنا الشفيع لشيعتي في يوم الدين، أنا قسيم الجنة والنار، أنا حامل اللواء يوم القيامة، أنا صاحب الحوض والشفاعة، أنا حامل مفاتيح الجنة.
فقام إليه المنذر بن الجارود وقال: يا أمير المؤمنين، أنت بالمكان الذي تذكر وأبوك معذب في النار؟!
فقال: مهلا، فض الله فاك!! قال: أبي يعذب في النار وأنا ابنه قسيم الجنة والنار؟!
والله لو شفع أبي لكل مذنب على وجه الأرض لأجابه الله، وإن نور أبي ليطفئ نور الخلائق يوم القيامة ما خلا نور الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وسمعت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
Bogga 30
أنه قال: مثل عمي أبي طالب في هذه الأمة كمثل أصحاب الكهف في بني إسرائيل؛ أسروا الإيمان وأظهروا الكفر، فآتاهم أجرهم مرتين " (1).
الحديث السادس عشر عن أنس بن مالك - مرسلا - عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:
" ليلة أسرى بي ربي عزوجل رأيت في بطنان العرش ملكا بيده سيف من نور يلعب به كما يلعب علي بن أبي طالب بذي الفقار، وأن الملائكة إذا اشتاقوا إلى علي بن أبي طالب نظروا إلى وجه ذلك الملك، فقلت: يا رب، هذا أخي علي بن أبي طالب وابن عمي؟
فقال: يا محمد، هذا ملك خلقته على صورة علي يعبدني في بطنان عرشي، تكتب حسناته وتسبيحه وتقديسه لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى يوم القيامة " (2).
الحديث السابع عشر عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: [لما] خرج علي بن موسى الرضا (عليهما السلام) من نيسابور إلى المأمون فبلغ قرب قرية الحمراء، قيل له: يا بن رسول الله، قد زالت الشمس أولا تصلي؟ فنزل (عليه السلام) فقال: " ائتوني بماء؟ " فقيل: ما معنا ماء، فبحث [(عليه السلام)] بيده الأرض فنبع منها الماء فتوضأ به هو ومن معه. وأثره باق إلى اليوم.
فلما دخل سناباذ [استند] إلى الجبل الذي ينحت منه القدور، فقال: " اللهم انفع به، وبارك فيما يجعل فيه وفيما ينحت منه ". ثم أمر (عليه السلام) فنحت له قدور من الجبل وقال: " لا يطبخ ما آكله إلا فيها ". وكان (عليه السلام) خفيف الأكل، قليل الطعام، فاهتدى الناس
Bogga 31
إليه من ذلك اليوم، وظهرت بركة دعائه [(عليه السلام)] فيه.
ثم دخل دار حميد بن قحطبة الطائي، ودخل القبة التي فيها قبر هارون الرشيد، ثم خط بيده إلى جانبه، ثم قال: " هذه تربتي وفيها أدفن، وسيجعل الله هذا المكان مختلف شيعتي وأهل محبتي، والله ما زارني منهم زائر ولا يسلم علي [منهم] مسلم إلا أوجب الله له غفرانه ورحمته وشفاعتنا أهل البيت ".
ثم استقبل القبلة فصلى أربع ركعات ودعا بدعوات، فلما فرغ سجد سجدة طال مكثه فيها، فأحصينا له فيها خمسمائة تسبيحة، ثم انصرف (عليه السلام) (1).
[الحديث] الثامن عشر عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول:
" والله ما منا إلا مقتول شهيد " فقيل له: ومن يقتلك يا بن رسول الله؟
قال: " شر خلق الله في زماني، يقتلني بالسم، ثم يدفنني في دار مضيعة وبلاد غربة؛ ألا فمن زارني في غربتي كتب الله [تعالى] له أجر مائة ألف مجاهد ومائة ألف شهيد ومائة ألف صديق ومائة ألف حاج ومعتمر، وحشر في زمرتنا، وجعل في الدرجات العلى في الجنة رفيقنا " (2).
[الحديث] التاسع عشر عن الصادق عن آبائه عن النبي صلى الله عليهم، قال:
" ستدفن بضعة مني بأرض خراسان لا يزورها مؤمن إلا أوجب الله له الجنة
Bogga 32