Ciqd Mufassal
العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل
شرفا آل المعالي شرفا ... فبكم أشرق وجه الزمن
كانت الدنيا جمادًا يبسا ... فسقوها وهم أندى المزن
بيد قد عمّ حين انبجسا ... سيبها أهل الصحاري والمدن
وأبي لولاكم لاندرسا ... مربع العلياء لا بل لم يكن
وغدا المعروف قاعًا صفصفا ... ليس في مغناه غير الدمن
أنتم جدّدتموه مذ عفا ... وأبنتم منه مالم يبن
أنتم الناس بلى ثمّ بلى ... والأيادي البيض أقوى حجج
أنتم الناس فخارًا وعلا ... وسواكم من سوام الهمج
عطل الأجياد من كلّ حلى ... لم يسيروا للعلى في منهج
حاولوا العزّ فنالوا الصلفا ... وتولّوا باشتباه بيّن
سيّر الرائي إذا ما انكشفا ... ذلك السرّ انكشاف العلن
فرس العلياء ماانفكّت جموح ... لم ترض ظهرًا لمن يركبها
كم رأت من جسد مافيه روح ... فرمته ما درى مذهبها
لا تغرّنّك أجساد تلوح ... نضرة فيها فذا مطلبها
ليس هذا الضرب إلاّ خزفا ... أي ومن في فضله سدّدني
سل عن العسجد منّي صيرفا ... إنّني أدرى بما في معدني
لا تؤمّل من لئيم كرما ... ليس للطرفا دخان طيّب
وإذا استجديت يومًا ديّما ... فاختبر أيّ الغمام الصيّب
دع أُناسًا قد تصدّوا برما ... وهم في جبّ جهل غيّبوا
قد تودُّ الأرض أن تنخسفا ... وهم في ظهرها كالبدن
لم تجد في مائهم قطّ صفا ... لا ولا في الكأس غير الدرن
أنتم القوم الذين اتّسعا ... في معاليهم مجال الشعرا
حاولوا حصرًا لها فامتنعا ... وأبت شهب السما أن تحصرا
شرفًا فضلًا كمالًا ورعًا ... كرمًا عزًّا علًا مفتخرا
سلّم الفضل لكم لو أنصفا ... مستبدٌّ بلجاج بيّن
ذاك لو أصغى لشعري انكسفا ... وتلوّى كتلوّي المحجن
يا أباالهادي وما أملحها ... كنيةً تحلو مذاقًا بفمي
هاكها غرّاء قد وشّحها ... لؤلؤ لولاك لم ينتظم
أملت منك بأن تمنحها ... بقبول يا جميل الشيم
لم أقل ما قلت إلاّ شغفا ... بك يا حلية جيد الزمن
ليس قصدي وقصيدي اختلفا ... أنا من وافق سرّي علني
فصل في نبذ من فرائد نظمه
وقد تقدّمت منه نبذة يسيرة في مقدّمة التاب، فمنه قوله:
شجاك هوى الملاح فذبت وجدا ... ونادمت السهى أرقًا وسهدا
وأشجيت الحمائم في مناح ... يهدُّ حشاك والأطواد هدّا
وراعك يوم ذات الأثل ظعن ... ألحَّ عليك بالزّفرات وخدا
فصوح من زفيرك كلّ زهر ... وعاد بدمعك الزهر المندّى
فدع نجدًا وسكّانًا بنجد ... أليس الكرخ قد أنساك نجدا
بأغيد أبهر النسمات لطفًا ... وراع شقايق النعمان خدّا
وأخجل سرب آرام المصلّى ... لحاظًا والغصون الميد قدّا
أرقّ من النّسيم الغضّ طبعًا ... له قلب من الجلمود قدّا
كليلات لواحظه ولكن ... نبا لمضائها الهنديّ حدّا
فيا لله من لحظات ريم ... لعوب بالفؤاد تروع أسدا
فلا والله لا أنسى لألفي ... غداة معالم العلمين عهدا
ولا والله لا أنسى سلامًا ... أبيت له سوى العبرات ردّا
ومنه قوله:
رعى الله ربعًا جاده مرزم الحيا ... ترامت به أيدي المطي الرواسم
مشين سراعًا يستبقن إلى حمى ... به ولعي من قبل شدّ التمائم
فياسائقًا ظعن الخليط تحيّة ... إلى سكن عن مغرم فيه هائم
يبيت بلبّ طائش ونواظر ... تنقّب شجوًا بالدموع السواجم
ومنه قوله:
رقص المدمع من غناء الحمام ... لليال مضت بدار السلام
في مغان كجنّة الخلد فيها ... ضحك الروض من بكاء الغمام
فاسقياني وغنّيا باسم ألفي ... فعسى باسمه ترقّ مدامي
لست أنساه مائسًا يتثنّى ... بالرديني من رشيق القوام
إنّ ليلي من وجهه في انبلاج ... ونهاري من شعره في ظلام
إن يكن يوسف الجمال فإنّي ... أنا يعقوب لوعة وهيام
أنا نشوان للقيامة سكرًا ... بمعانيه لا بكأس وجام
أنا لم أدر إن تذكّرت ألفي ... أحياتي بذكره أم حمامي
1 / 220