همته العلية السلطانية سببا لالتحاقها بالممالك العثمانية وقال بعض من اعتنى بتواريخ ايامه وضبط آثاره واحكامه انه فتح في أيامه ثلثمائه وستون حصنا ما بين صغير وكبير ولا ينبئك مثل خبير وقد انتقل رحمه الله في اليوم الثاني والعشرين من صفر سنة اربع وسبعين وتسعمائة ولما اتي بجنازته الى قسطنطينية استقبلها جميع من في البلد بكمال الهموم واالأحزان وصلوا عليه عند جامعة الملعروف ودعوا له بالمغفرة والرضوان ودفنوه قبالة الجامع المزبور فسبحان الدائم الباقي على مر الاعصار والدهور وكان محبا للعلم معظما لاهله غاية الاعظام ومهتما في اجراء الشرع المسلمين بمزيد الاهتمام وقد تيسر له من الخيرات العظام والمبرات الجسام ما لو تفرد باحداها ملك من الملوك لكفته يوم مفتخره منها الجامع الذي بناه بقسطنطينية وهو الذي لم تر مثله عين الزمان ولم يبن مثله الى هذا الان لايدانيه الخورنق ولا الحصن الابلق وبنى بجواره عدة مدارس يدارس بها انواع العلوم وأرباب الحجا والفهوم مما يبتهج به اولو النهى والبرهان من علوم الاديان والابدان وبنى بها عمارة ملئت بنفائس القرى للواردين من الامصار والقرى سوى ما يصرف لستمائة نفس من طلبة العلم الشريف وسائر المحاويج من القوي والضعيف وبنى بها ايضا مارستانا لمداواة المرضى وتربية المجانين بانواع الاشربة والاطعمة والمعاجين ومنها الجسر العظيم الذي بناه على مرحلة من قسطنطينية وذلك احدى غرائب الدنيا في الطول والعرض وقوة البناء ومنها النهر العظيم اتى به الى قسطنطينية وقسم على محلاتها اقساما تنيف على مائة واستخدم فيه خلقا عظيما وبذل مالا جسيما وبنى له في طريقه ابنية عجيبة وطاقات غريبة التي يقول في بعض اوصافها وبيان تاريخها المفتي ابو السعود وقدتقرب الى رب العظمة والجلال بانشاء الصنع البديع المثال الرفيع الدعائم الشامخ العماد والمنيع القوائم الراسخ الاوتاد الذي ساقاته كالمجرة في المنوال وطاقاته لقوس قزح مثال واجراء ما فيه من العذب الفرات الذي لم تره العيون ولو يروه الرواة يروي العطاش ويحيى الموات كأنه جدول تشعب من ماء الحياة على اهل دار السلطنة السنية قسطنطينية المحمية وعلى من يردها من اقطار البلاد من كل حاضر وباد
Bogga 376