للعلم من هذه الديار فدار البلاد واشتغل واستفاد حتى انتظم في سلك ارباب الاستعداد وصل الى خدمة المولى محيي الدين الفناري فاشتغل عليه مدة وحصل من العلوم عدة ثم وصل الى خدمة المولى محمد باشا فاجتهد في التحصيل والاستفادة حتى اذا انتقل المولى المزبور الى احدى المدرستين المتجاورتين بادرنه عينه لخدمة الاعادة ثم درس في مدرسة صاروجه باشا بقصبة كليبولي بعشرين ثم مدرسة الامير احمد الادرنوي بقصبة واردار بخمسة وعشرين ثم المدرسة الحجرية بادرنه بثلاثين ثم مدرسة يري باشا باربعين ثم مدرسة احمد باشا بقصبة جورلي بخمسين ثم نقل الى مدرسة مغنيسا فاشتغل فيها وافاد حتى ولي قضاء بغداد وفوض اليه الفتوى بهذه الديار وعين له من بيت المال كل سنة ألف وخمسمائة دينار وهو اول متولي بقضاء بغدان من قبل سلاطين آل عثمان فشرع في اجراء الشرع المبين وأقام بها ست سنين فنال فيها مانال من صنوف الامتعة والاموال ثم عزل وبقي في التعطل والهوان ثم اعطي مدرسة السلطان مراد خان بينا هو في تهيئة الاهب اذ قلد قضاء حلب ولم يمكث شهرين في حلب المحروسة حتى جاءت له البشرى بقضاء بروسه ثم قلد قضاء ادرنه ثم قسطنطينية المحمية ثم عزل وعين له كل يوم مائة درهم وحسبت مدة قضائه فبلغت عشرين سنة ثم اعطي له دار الحديث التي بناها السلطان سليمان بقسطنطينية وزيد في وظيفته ثلاثون فدام على المدارسة والمذاكرة حتى توفي سنة تسع وستين وتسعمائة ويحكى انه قصد ان يتوضا لصلاة الصبح فبينا هو في اثنائه اذ اتاه ذلك الامر العظيم وألم به الخطب الجسيم وكان رحمه الله معروفا بالعلم والصلاح يرى عليه آثار الفوز والفلاج متقشفا في اللباس متخشعا في معاملة الناس وكان مهيب المنظر ولطيف المخبر حسن المناظرة طيب المعاشرة وكان رحمه الله لذيذ الصحبة حسن النادرة ومن كلامه رحمه الله مثلنا مع حواشينا مثل الشمع الموقد بين اظهر قوم فانهم مستضيئون به ومنتفعون بنوره والشمع منتقص في كل وقت وفان ومتداع الى الخزي والخسران ولا يخفى ان كلامه هذا اشبه قول الامام الغزالي فقهاؤنا
Bogga 342